كتب/د.أحمد محمد عبد العظيم.
إن من الظواهر التي تحتاج إلى تسليط الضوء عليها إنقاذا لما يمكن إنقاذه ظاهرة انتشار تناول المخدرات بين الشباب خاصة بعد ظهور مخدر الأستوروكس الذي يتسبب في هلاوس بصرية وسمعية، ومن هنا وجب التنبيه إلى ما يلي:
إن مما من الله -عز وجل- به على الإنسان وكرّمه به نعمة العقل، هذه النعمة التي لا يقدرها حق قدرها إلا من شاهد تصرفات المجانين مسلوبي العقل؛ فعندها يقول الإنسان: "الحمد لله الذي عافانا مما ابتلي به كثير من خلقه".
وقد جعل الشرع الشريف العقل مناط التكليف؛ فالصبي في الإسلام غير مكلف؛ لعدم اكتمال نمو عقله، والمجنون غير مكلف لأنه مسلوب العقل، والمغمى عليه والنائم غير مكلفين؛ لأنهما مستورا العقل، وفي الحديث عن عائشة -رضي الله عنها-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «رفع القلم عن ثلاث عن النائم حتى يستيقظ وعن الصبي حتى يحتلم وعن المجنون حتى يعقل» أخرجه أبو داود، وابن ماجه، وأحمد، واللفظ له.
ولأهمية نعمة العقل جعل الله -تعالى- الحفاظ على هذه النعمة أحد مقاصد الشرع الشريف الكبرى؛ فهناك خمسة مقاصد شرعية كبرى ما شرعت الحدود في الإسلام إلا للحفاظ عليها، وهذه المقاصد هي: حفظ الدين، والنفس، والعقل، والعرض، والمال.
ومن هنا جاء حد شارب الخمر في الإسلام حفاظا على مقصد العقل؛ فمن شرب الخمر يحد ثمانين جلدة عقوبة له على إهانته لهذه النعمة التي ميزه الله -تعالى- بها عن سائر البهائم.
والنهي في الإسلام لم يقتصر فقط على المسكرات، وإنما عمّ أيضا المفترات التي هي المخدرات؛ فعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : " نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كُلِّ مُسْكِرٍ وَمُفْتِرٍ " أخرجه أبو داود وأحمد، وقَالَ الْعُلَمَاءُ : الْمُفْتِرُ : كُلُّ مَا يُورِثُ الْفُتُورَ وَالْخَدَرَ فِي الأَطْرَافِ.
والشخص الذي يدمن المخدرات خطر على نفسه، وخطر على أسرته، وخطر على المجتمع كله، وعليه فلينتبه المجتمع بكل فئاته إلى خطورة هذه المخدرات؛ فلتحافظ الأسرة على أولادها من الإدمان، وليتابعوا تصرفات أبنائهم، وإذا ابتليت الأسرة -لا قدر الله- بأن وجد فيها من يدمن المخدرات فليسارعوا إلى علاجه، وليجتهد العلماء والمشايخ وذوو الرأي في تحذير الناس من خطر المخدرات، ولتجتهد الشرطة في ضبط المواد المخدرة، والقبض على من يقوم بتوزيعها، وليجتهد القضاة في إنزال أقصى العقوبات بمن يتاجرون في هذه المواد المخدرة، وذلك ليكونوا عبرة لغيرهم ممن تسوّل له نفسه بالمتاجرة في هذه السموم القاتلة.
حفظ الله بلادنا وأهلينا وشبابنا من كل مكروه وسوء، ووقى الله -تعالى- الجميع شر هذه المخدرات.
اترك تعليقك