الأخبار العاجلة
  • الخميس, 02 مايو 2024
أخبار السياسة و الطاقة
  • رئيس مجلس الإدارة و التحرير
    خالد حسين البيومى
الأحد 16 ابريل 2023 08:14 م هندالصنعانى

حكايات مغربية...الحكاية السادسة والعشرين 

عاشقة السماء...الشهيدة ثريا الشاوي 
    أصغر ربانة طائرة في العالم 

مرضها كان سببا رئيسيا ليُخلّد التاريخ اسمها وتصبح أصغر ربانة طائرة في العالم في الوقت الذي كان عدد الطيارات الأجنبيات يعد فيه على رؤوس الأصابع، عشقت السماء وهي طفلة صغيرة لم تتعد الثلاثة أعوام عندما عادت من رحلة علاجية جوية حينها قررت أن تصبح أول ربانة مغربية لكنها لم تكن تعلم أن تحقيق حلمها سيفقدها حياتها.

ولدت ثريا الشاوي ابنة فاس المدللة يوم 14 ديسمبر سنة 1937 بين أحضان أسرة تعشق الفن والمسرح، والدها عبدالواحد الشاوي رائد الفن المسرحي، كانت طفلة مختلفة كاهتماماتها التي كانت تنصب على فك وتركيب الألعاب الميكانيكية.

أصيب ثريا في سن الثالثة بمرض نادر في الجهاز التنفسي عجز الأطباء عن تشخيصه أو علاجه إلى أن اقترح أحدهم على والدها بأخذها في جولة بالطائرة ربما قد يكون شفاء لها، كان اقتراحا غريبا وصعب التحقيق لكنه رضخ للأمر في نهاية المطاف، وفعلا تحسنت حالتها الصحية بعد جولة عبر الطائرة.

في ذلك اليوم كانت فرحة الطفلة ثريا بركوب الطائرة ورؤية العالم من فوق فاقت بكثير فرحتها بالشفاء فتكونت بداخلها مشاعر قوية جعلتها تقرر أن عالمها الحقيقي ليس على الأرض بل بين أحضان السماء.

كانت ثريا في بداية طفولتها تهتم كأبيها بالفن والأدب، كانت لها مشاركات لم تكن بالبسيطة فقد اختارها المخرج الفرنسي اندريه زوبادا الذي أتى إلى مدينة فاس سنة 1948 لتقديم فيلمه "البوابة السابعة"، لتأدية دور في الفيلم إلى جانب والدها.

كبرت الطفلة وكبر معها عشقها وحلمها وراحت تبحث عن طريقة للولوج الى مدرسة الطيران في وقت كان التعليم فيه أمر ثانوي فما بالك أن تتخصص فتاة في مجال صعب أو مستحيل بالنسبة للكثيرين، لكن ايمان والدها بها كان أقوى سند لها.

في ذلك الوقت كان المغرب خاضعا للاحتلال الفرنسي وكان يحتكر مجال الطيران، وبالتالي نُصِبت لها عراقيل عديدة، فكيف لفتاة "مغربية" تفكر أن تصبح ربانة طائرة، لكن إصرارها كان أقوى من كل المناورات واستطاعت ثريا الالتحاق بمدرسة "تيط مليل" للطيران بالدارالبيضاء، لكنها لم تسلم أيضا من سخرية زملائها الذكور.

تخرجت ثريا من المدرسة بعمر 16 سنة، الشيء الذي لم يكن هينا، فقد اختير لها يوما كان ملبدا بالغيوم لاجتياز الإمتحان، بالرغم من أن القوانين المتبعة توجب تأجيل الاختبار إذا كان الطقس غير ملائم، لكن بقدرة الله واجتهادها نجحت وتمكنت من الارتفاع على علو 3 آلاف متر وقطعت مسافة 40 كيلو متر على شكل دائرة وفاقت كل التوقعات واستطاعت الحفاظ على توازن الطائرة.

فرحة النجاح لم تشمل العائلة فقط بل المملكة المغربية كلها كأول مغربية تقود الطائرة لتنال تكريما خاصا من الملك الراحل محمد الخامس، كما تمت دعوتها من طرف أميرات القصر للاحتفاء بها.

لكن يبدو أن ثريا هذا النموذج المتفوق والمميز كانت مصدر ازعاج للبعض في ذلك الوقت، فقد تعرضت لمحاولات اغتيال عديدة، حيث على مدار السنتين تعرضت لأربع محاولات اغتيال فاشلة لكنها أصيبت في المرة الخامسة، وكانت أصابع الاتهام تتوجه دائما إلى السلطات الفرنسية.

ففي نوفمبر 1954، حاول مجموعة من الفرنسيين وضع قنبلة أمام بيتها لكن عناية الله انقدتها من موت محقق بعد انفجارها، أيضا وفي نفس السنة تعرضت عندما كانت برفقة والدها واثناء ركوب السيارة لإطلاق ثماني رصاصات، تعرضت أيضا سنة 1955 لمهاجمة عنيفة من طرف شرطيين فرنسيين لولا تجمهر الناس الذي حال دون المساس بها.

وفي 01 مارس 1956 كُتبت شهادة وفاة ثريا الشاوي عن سن 19 سنة، هذا اليوم الذي سبق الاحتفالات بالإعلان عن يوم الاستقلال بالمغرب حيث أفرغ أحدهم أمام بيتها رصاص مسدسه في رأسها، وحُرم المغرب من شابة يافعة كانت ترفع علم المغرب عاليا، حيث شوهد مجموعة من الأشخاص يفرون فور تنفيذهم لعملية الاغتيال ويتحول الاحتفال إلى جنازة سياسية كبرى، وشيع جثمانها وسط جماهير غفيرة قدر عددها ب 60 ألف شخص.


اترك تعليقك

Top