الأخبار العاجلة
  • الخميس, 21 نوفمبر 2024
أخبار السياسة و الطاقة
  • رئيس مجلس الإدارة و التحرير
    خالد حسين البيومى
اغتيال نصر الله: انعكاسات المقاومة ومستقبل المنطقة في ظل التصعيد الإسرائيلي
الأحد 29 سبتمبر 2024 03:50 م

كتب /شحاته زكريا

في لحظة فارقة من تاريخ الشرق الأوسط جاء اغتيال الأمين العام لحزب الله ، حسن نصر الله ليُشعل المنطقة ويعيد رسم خريطة التوازنات الإقليمية والدولية. بعيدا عن التحليل المعتاد الذي يتناول أدوار الولايات المتحدة وإسرائيل في هذه العملية ، فإن قراءة ما بعد الاغتيال تفتح الباب لمناقشة تأثيرات أعمق وأكثر تعقيدا على المنطقة خاصة من زاوية المقاومة والصراع الداخلي في لبنان.

اغتيال نصر الله ليس مجرد ضربة لرأس المقاومة، بل هو محاولة لإعادة تشكيل الخارطة السياسية والأمنية في لبنان والمنطقة. تلك الخطوة تعكس التحول في طبيعة المواجهة بين إسرائيل وحزب الله ، إذ أصبحت المعركة ذات طابع استخباراتي معقد تتطلب من حزب الله إعادة التفكير في استراتيجياته الدفاعية والهجومية. فالاغتيال يطرح سؤالا محوريا: كيف سيتعامل الحزب مع هذه الخسارة وما هو مستقبل المقاومة في ظل هذا التصعيد غير المسبوق؟

من زاوية أخرى يمكن النظر إلى اغتيال نصر الله كمحاولة لضرب وحدة الصف الداخلي في لبنان ، بلد يعيش بالفعل أزمات متعددة الأبعاد. فالحزب الذي كان ركيزة أساسية في المقاومة ضد إسرائيل سيجد نفسه الآن في موقف يتطلب ترميم صفوفه وتعزيز مكانته بين جمهور لبناني يعاني من أزمات اقتصادية وسياسية خانقة. كيف سيستجيب حزب الله لهذه التحديات الداخلية في ظل تصعيد خارجي؟ وهل سيكون هناك توازن بين التصدي للعدو الإسرائيلي وإعادة بناء الجبهة الداخلية؟

أما على المستوى الإقليمي فإن غياب نصر الله سيؤثر بشكل مباشر على التحالفات الإقليمية، خاصة في ظل تصاعد نفوذ إيران ودورها في دعم المقاومة اللبنانية. فالعملية الإسرائيلية، في توقيتها ودقتها، جاءت لتُظهر رغبة واضحة في تحجيم نفوذ طهران في المنطقة، إلا أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى رد فعل معاكس حيث قد تسرع من عملية التقارب بين قوى المقاومة في المنطقة وتزيد من التماسك الإيراني-اللبناني-الفلسطيني.

من جانب آخر فإن اغتيال نصر الله يضع إسرائيل أمام مرحلة جديدة من المواجهة قد تكون مكلفة ليس فقط من ناحية ردود الفعل العسكرية المباشرة، بل أيضا على المستوى الدولي. فتجاوزات إسرائيل المتكررة في استخدام القوة المفرطة واغتيال القيادات السياسية والعسكرية باتت تُحرج حلفاءها الغربيين ، وتضعف من موقفها أمام الرأي العام العالمي ، الذي بدأ يتساءل عن مدى شرعية هذه العمليات وأخلاقيتها. 

في هذا السياق ، يمكننا القول إن اغتيال نصر الله قد يفتح الباب لمرحلة جديدة من التصعيد لكن هذه المرحلة لن تقتصر على المواجهة العسكرية فحسب بل ستكون معركة على الساحة السياسية والإعلامية والدبلوماسية. لقد فقدت المقاومة اللبنانية زعيما مؤثرا ، لكن الحركة ذاتها لم تفقد روحها أو مبادئها. وهذا ما سيحدد مصير هذه المرحلة المقبلة: هل سيكون هناك تصعيد مفتوح أم تكتفي الأطراف بإعادة ترتيب أوراقها في انتظار المعركة القادمة؟

إن اغتيال نصر الله هو جرس إنذار يدق في أروقة السياسة الدولية، وهو اختبار حقيقي لقوة وصلابة محور المقاومة في المنطقة. ومع ذلك يبقى السؤال الأكثر أهمية: هل ستكتفي إسرائيل ومن يقف وراءها بهذه الضربة، أم أن هذه العملية ستكون الشرارة التي تشعل المزيد من الصراعات في منطقة لا تحتمل المزيد من الحروب؟ 

ختاما الاغتيال ليس نهاية لحزب الله أو المقاومة، بل هو بداية لمرحلة جديدة قد تحمل في طياتها تحديات غير مسبوقة، ليس فقط على المستوى العسكري بل أيضا على المستوى السياسي والاجتماعي. وهذه المرحلة تتطلب من جميع الأطراف القدرة على التكيف مع التحولات القادمة في الشرق الأوسط.


اترك تعليقك

Top