النفاق الاجتماعي مرض العصر
بقلم د.ولاء شبانة
مرض نفسي يعتري صاحبه، يجعله غيرَ قادر على التَّعبير بكل صراحة عمَّا في داخله، ويسلبه القدرة على مجاراة الآخرين، والتوصل لما توصّلوا إليه، فيصبح الأمل والنهوض وقوَّة الشخصية حبيسة الأنفاس الداخلية، تغطَّى بصور وشخصيات تقتل أيّ أسلوب يمكن أن يعبّر عن حقيقته وماهيته.
النفاق الاجتماعي ليس له صورة واحدة، بل له أعراض عديدة، وأشكال كثيرة، نذكر منها :
1- السُّكوت عن الأخطاء التي يقوم بها الآخرون حتَّى يقبلوه بينهم، فهذا المنافق لا يقدر ولا يجرؤ على إظهار موقفه الحقيقي الرافض للخطأ، بل يتنازل عن ذلك في سبيل تحقيق نوع من القبول الاجتماعي، وربما ساند ذلك المخطئ عن طريق تبرير الخطأ، أو التقليل من شأنه، لأنَّه يظن أنَّه لو لم يسلك هذا الطريق لأصبح منبوذاً منقطعاً معزولاً.
2- عدم القدرة على تحقيق أيّ إنجاز، نتيجة لضعف وهزيمة داخلية، فتتحوّل نفسه إلى نفس حاقدة على كلّ ما هو ناجح ومميّز، ولهذا تجد بعض المنافقين يصاحبون المميّزين، ويظهرون حبَّهم وتشجيعهم، وفي الوقت نفسه يكنُّون الحسد والحقد على كلِّ إنجاز مبدع من صاحب طموح عالٍ، لأنَّه يريد أن يثأر لنفسه الحاقدة من كلِّ مَنْ تقدَّم عليها، ووعى حقيقة دوره في الحياة.
3- المبالغة في المدح والخِصام، فتجد بعضَهم يبالغ في المدح والإطراء، لينال مكانة اجتماعية أو نصيباً من المال أو غير ذلك، مع أنَّ نفسه ترفضهم، وتصحو وتنام على كرههم. وفي المقابل، تجده يبالغ في الخصومة، فإذا خاصم فجر؛ ينسب لمن يبغضه من الأخطاء ما لم يقم بها، ويهوِّل من بعض التصرّفات، ويسيء نيته في تفسير المواقف، فيجعلها خطايا لا تقبل المغفرة والمسامحة، بل ويقلِّل من أيّ فعل خير يقوم به من يبغضه، لأنَّه يرى أعماله بنظارات سوداء قاتمة، لا ترى إلَّا ما هو أسود وقبيح.
4- قد يدَّعي المنافق الاجتماعي الحبّ لبعض الناس، لكنَّه سيء الظن والتفكير، فتراه ينكص على عَقِبَيه بمجرّد شبهة أو موقف يحتاج إلى حسن نية في التفسير، ويتخذ مواقف دون تأكد أو روية، ودون مراعاة لخطأ أو شبهة، فترى علاقته مع النَّاس واقفة على حرف، فإن حصل ما حصل غدر وخاصم.
اترك تعليقك