الأخبار العاجلة
  • الخميس, 30 يناير 2025
أخبار السياسة و الطاقة
  • رئيس مجلس الإدارة و التحرير
    خالد حسين البيومى
سيناء.. الأرض التى لا تقبل القسمة
الأربعاء 29 يناير 2025 10:48 ص

سيناء.. الأرض التي لا تقبل القسمة

كتب/شحاته زكريا 

في كل مرة تُطرح فيها سيناء كجزء من تسوية سياسية أو حل لأزمات إقليمية، تشتعل مشاعر المصريين وتتعالى أصواتهم الرافضة لهذا العبث الذي يستهدف التفريط في تراب وطني مقدس. لم تكن سيناء في يوم من الأيام مجرد مساحة جغرافية قابلة للتفاوض أو جزءا يمكن المساومة عليه في أي صفقة سياسية. سيناء هي التاريخ والجغرافيا هي القلب الذي ينبض بالعزة الوطنية هي الأرض التي ارتوت بدماء الشهداء دفاعا عن كل حبة رمل منها.

لقد شهد العالم وما زال ازدواجية المعايير الدولية. قوى كبرى تُنظّر للحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان في العلن، بينما تمارس أشد أنواع الازدواجية خلف الكواليس. الحديث عن سيناء كمأوى لمهجّرين قسريا هو محاولة فاضحة لتحويل أرض الفيروز إلى ورقة في لعبة المصالح وكأن دماء المصريين التي سالت على ترابها لم تكن كافية لتذكير العالم بقدسية هذا المكان.

ما لا يفهمه المتآمرون أن سيناء ليست مجرد أرض ، بل هي روحٌ متجذرة في وجدان كل مصري. أي طرح يتحدث عن تسكين الفلسطينيين في سيناء لا يُقرأ إلا كاستمرار للظلم التاريخي الذي عاناه الشعب الفلسطيني منذ اغتصاب أرضه. كيف يمكن لفكرة كهذه أن تُطرح دون أن تهتز ضمائر العالم؟ هل يُعقل أن يكون الحل في تهجير شعب وتشريده وكأننا نحارب النتيجة بدلا من معالجة السبب؟

سيناء ليست حلا ولا ينبغي أن تكون. الحل الحقيقي يكمن في استعادة الحقوق المسلوبة للشعب الفلسطيني ، في إنهاء الاحتلال الذي يُعد أحد أطول فصول الظلم في التاريخ الحديث. ما يُطرح اليوم ليس حلا بل تهربا من مواجهة الحقيقة واستمرارا في سياسة "أعطِ ما لا تملك لمن لا يستحق."

المصريون الذين أثبتوا عبر التاريخ أنهم قادرون على التصدي لكل محاولات النيل من وطنهم ، لا يحتاجون إلى دعوات للتوحد في وجه هذه المؤامرات. إن الاصطفاف الشعبي الذي يشهده الشارع المصري ليس أمرا طارئا أو عابرا بل هو تجسيد لعقيدة وطنية تؤمن بأن الأرض ليست مجرد جغرافيا، بل هي عرض وشرف لا يقبل المساومة.

في سيناء تتحدث كل ذرة رمل عن حكايات البطولة والتضحية. من نصر أكتوبر الذي أعاد للأمة كرامتها، إلى العمليات الإرهابية التي تصدت لها قوات الجيش والشرطة بكل بسالة ، سيناء هي شهادة حيّة على أن المصريين لا يتنازلون عن أرضهم مهما كان الثمن. ما لا يفهمه من يخططون لهذه السيناريوهات العبثية أن المصريين لا يقبلون التفريط في شبر واحد من ترابهم ، ولن يسمحوا بتحويل سيناء إلى ساحة لتصفية حسابات القوى الكبرى.

في خطاب سابق قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي جملة عميقة تختصر موقف مصر: "سيناء مصرية وستظل مصرية." هذه الكلمات لم تكن مجرد تصريح عابر بل تأكيد على عقيدة ثابتة لا يغيرها الزمن ولا تنال منها المؤامرات. الشعب المصري بكل طوائفه ، يدرك تماماً أن سيناء ليست للبيع، وأن الحفاظ عليها مسؤولية تاريخية.

ليس الغريب أن تُطرح أفكار مثل هذه المؤامرات فقد تعوّد العالم على محاولات البعض لفرض حلول على حساب الضعفاء. لكن الغريب هو أن يظن هؤلاء أن مصر التي حافظت على استقلالها منذ آلاف السنين قد تسمح بتمرير هذه المشاريع على حساب أمنها القومي وكرامتها الوطنية.

سيناء ليست حلا ولن تكون لأنها ببساطة ليست ملكاً للبيع أو التفاوض. هي جزء من كيان الوطن وملكية الشعب المصري الذي يعرف جيدا كيف يحمي حقوقه. إذا كانت القوى الكبرى تعتقد أن القوة وحدها هي معيار فرض الأمر الواقع ، فإن قوة الشعب المصري تكمن في تماسكه وإرادته الصلبة. سيناء ليست مجرد أرض إنها بوابة التاريخ ، وحصن مصر الأول، وخط الدفاع الأخير.

ختاما ما يحدث اليوم هو تذكير لنا جميعا بأن الحفاظ على الأوطان يحتاج إلى يقظة دائمة. مصر التي حمت العالم من الإرهاب والتي حملت على عاتقها هموم الأمة العربية لن تسمح بأن تكون سيناء جزءا من حلٍ يعفي الآخرين من مسؤولياتهم التاريخية. وكما قاومنا المحتل وأعدنا سيناء بالقوة والدم سنقف اليوم وغدا دفاعا عن كل حبة رمل منها. لأن سيناء ببساطة ليست مجرد أرض إنها شرف.


اترك تعليقك

Top