الأخبار العاجلة
  • الأحد, 22 ديسمبر 2024
أخبار السياسة و الطاقة
  • رئيس مجلس الإدارة و التحرير
    خالد حسين البيومى
عظمة الفراعنة فى تحديد معاد بدأ فصل الشتاء - هاله المغاورى فيينا
السبت 21 ديسمبر 2024 11:06 م

21 ديسمبر، يوم فاصل في التقويم المصري القديم، حيث يبدأ فصل الشتاء الذي أطلق عليه الفراعنة “فصل الإنبات”، وهو مرحلة أساسية في دورة الحياة والزراعة. ارتباط هذا التاريخ بالظواهر الفلكية يعكس براعة المصريين القدماء في علوم الفلك والهندسة، التي مكّنتهم من تصميم معابدهم لتواكب حركة الشمس والنجوم بدقة مذهلة.

الفراعنة لم يكتفوا بتقسيم السنة إلى أربعة فصول فقط (الشتاء، الربيع، الصيف، الخريف)، بل قاموا بربط هذه الفصول بظواهر فلكية تخدم الزراعة والمجتمع. تشييد المعابد، خاصة معبد الكرنك، جاء كدليل على استيعابهم العميق للكون، حيث اعتمدوا على حركة الشمس لتحديد مواعيد المحاصيل، مما اعتُبر رسالة إلهية للمزارعين.

حيث انه في فجر يوم 21 ديسمبر، تشهد مدينة الأقصر ظاهرة مهيبة تتمثل في تعامد أشعة الشمس على معبد الكرنك، لتضيء محور المعبد في مشهد يعكس براعة القدماء المصريين.

حيث تشرق الشمس على البوابة الشرقية للمعبد وتتعامد مع البوابة الغربية. وتصل أشعتها إلى قدس الأقداس، حيث كانت تضيء قاعدة تمثال الإله “آمون رع”. ثم تمتد الإضاءة لتشمل موائد القرابين المصنوعة من حجر الألباستر، الممتدة على طول المحور الرئيسي.

هذه الظاهرة تعبر عن إدراك الفراعنة الدقيق لحركة الشمس، إذ تتزامن مع وجود الشمس في أدنى نقطة لها فوق الأفق، ما يُعرف فلكيًا بتعامدها على مدار الجدي.

مقارنة بين معبدي الكرنك وأبو سمبل

على الرغم من تشابه ظاهرة تعامد الشمس على معبدي الكرنك وأبو سمبل، إلا أن لكلٍ منهما خصوصيته:

• أبو سمبل: بني في حقبة واحدة، مما جعل دراسات تصميمه أكثر تركيزًا لضمان تعامد الشمس عليه.

• الكرنك: شهد إضافات معمارية عبر عصور متعددة، من الدولة الوسطى إلى عصر البطالمة، مما يجعل الظاهرة أكثر تعقيدًا وإبهارًا.

اما ظاهرة قصر قارون فهى تعتبر ارتباط فلكي مذهل

حيث تتزامن مع تعامد الشمس على قصر قارون بالفيوم، على الرغم من اختلاف الزمن الذي شُيّد فيه كل من المعبد والقصر. هذه الظاهرة تؤكد أن تعامد الشمس كان تصميمًا مقصودًا، ما يدل على استيعاب الفراعنة للتغيرات الفلكية وتأثيرها على حياتهم.

ومن دلالات الظاهرة وأهميتها

• أهمية زراعية: استخدمت هذه الظواهر لتحديد مواعيد الزراعة والحصاد بدقة.

• رمزية دينية: اعتُبرت الظاهرة رسالة مقدسة من الآلهة، خصوصًا آلهة الشمس والخصوبة.

• تقدم علمي: أظهرت قدرة الفراعنة على دراسة حركة الأجرام السماوية، حيث عُرفوا بخمسة كواكب على الأقل في الدولة الوسطى، مثل الزهرة والمريخ.

تزامن تعامد الشمس مع بداية فصل الشتاء هو أكثر من مجرد ظاهرة فلكية؛ إنه شهادة على حضارة الفراعنة العظيمة التي امتزجت فيها العلوم بالدين، والهندسة بالفلك. هذا اليوم ليس فقط بداية فصل جديد، بل أيضًا تذكير دائم بقدرة المصريين القدماء على فهم الكون وتسخيره لخدمة مجتمعهم بدء فصل الشتاء في مصر ليس مجرد حدث طبيعي، بل إرث حضاري يبرز عبقرية المصريين القدماء وعلاقتهم العميقة بالكون.


اترك تعليقك

Top