الأخبار العاجلة
  • الأحد, 24 نوفمبر 2024
أخبار السياسة و الطاقة
  • رئيس مجلس الإدارة و التحرير
    خالد حسين البيومى
من القاهرة إلى البرشا :التحول الرقمى وإعادة تعريف الخريطة الثقافية المصرية
الثلاثاء 30 يوليو 2024 11:06 م

من القاهرة إلى البرشا: التحول الرقمي وإعادة تعريف الخريطة الثقافية المصرية

كتب /شحاته زكريا 

في عصر يتسارع فيه التقدم التكنولوجي بوتيرة غير مسبوقة ، تقف مصر على أعتاب تحول ثقافي جذري .. فما كان يُعرف تقليديا بـ "المركز" و"الأطراف" في المشهد الثقافي المصري بات اليوم على وشك إعادة تشكيل جذري بفضل الثورة الرقمية.

لنبدأ قصتنا من قرية البرشا في محافظة المنيا. هنا حيث حققت مجموعة من الفتيات إنجازا عالميا بفوزهن بجائزة في مهرجان كان السينمائي .. هذا الحدث ليس مجرد نجاح فردي بل هو إشارة قوية إلى الإمكانات الهائلة الكامنة في "أطراف" مصر الثقافية.

يأتي مشروع التحول الرقمي الذي أعلن عنه وزير الثقافة المصري ، الدكتور أحمد فؤاد هنو ليفتح آفاقاً جديدة أمام هذه الإمكانات .. فالتكنولوجيا الرقمية لديها القدرة على تحويل كل نقطة في مصر إلى مركز إشعاع ثقافي محتمل.

لكن السؤال الملح هو: كيف نضمن أن يكون هذا التحول الرقمي أداة لتحقيق العدالة الثقافية ، وليس مجرد وسيلة لتعزيز هيمنة المركز التقليدي؟

هنا بعض النقاط الأساسية التي يجب أخذها بعين الاعتبار:

1. الاستثمار في البنية التحتية الرقمية: يجب أن يصل الإنترنت عالي السرعة إلى كل قرية ومدينة في مصر.

2. التدريب والتأهيل: لا يكفي توفير التكنولوجيا، بل يجب تدريب المبدعين في كل أنحاء مصر على استخدامها بفعالية.

3. إنشاء منصات رقمية وطنية: هذه المنصات ستكون بمثابة نافذة عرض للإبداعات المصرية من كل محافظة.

4. دعم المحتوى المحلي: تشجيع إنتاج المحتوى الثقافي الذي يعكس التنوع الغني للهوية المصرية.

5. التعاون الرقمي: تسهيل التعاون بين المبدعين في مختلف أنحاء مصر من خلال المنصات الرقمية.

إن التحدي الحقيقي الذي يواجه مصر اليوم هو كيفية الاستفادة من هذه الفرصة التاريخية لإعادة تشكيل المشهد الثقافي .. فبدلا من نموذج "المركز يجذب المواهب من الأطراف"، يمكننا أن نتطلع إلى نموذج جديد حيث تزدهر المواهب في أماكنها الأصلية ، مع القدرة على الوصول إلى جمهور عالمي.

تخيل معي مستقبلا حيث يمكن لفنان من أسوان أن يعرض أعماله في معرض افتراضي يزوره الآلاف من جميع أنحاء العالم. أو مسرحية تُعرض في الإسكندرية ويشاهدها في نفس اللحظة جمهور في القاهرة والأقصر وباريس.

هذا المستقبل ليس بعيد المنال .. ولكن تحقيقه يتطلب رؤية واضحة وعملا دؤوبا .. يتطلب إيمانا بأن الثقافة المصرية في جوهرها هي مزيج غني من إبداعات كل شبر من أرض مصر من دلتا النيل إلى واحات الصحراء.

فلنجعل من التحول الرقمي فرصة لإعادة اكتشاف مصر، ليس فقط للعالم ، بل لأنفسنا أيضا ..  فربما في هذه الرحلة الرقمية سنكتشف أن "المركز" الحقيقي للثقافة المصرية لم يكن أبدا في مكان واحد بل كان دائما في كل مكان.


اترك تعليقك

Top