أسير ألماني يدخل مكة
بقلم.. أحمدصالح حلبي
تنوعت جنسيات المستشرقين الذين دخلوا مكة المكرمة خفية ، فمنهم الإنجليزي والهولندي والاسباني ، واليوم نتوقف أمام سيرة الألماني جون وايلد ، الذي أسر فاصبحا عبدا بيع في سوق النخاسة في اسطنبول لتاجر من مصر ، اصطحبه معه إلى القاهرة وبيع هناك للمرة الثانية لتاجر من فارس ، جعله عبدا ورفيقا له في رحلته للحج عام 1012هـ/1604م ، فوجد جون في رحلته فرصة ليدون العديد من المشاهد عن مكة المكرمة وحياة سكانها الاجتماعية والاقتصادية خلال موسم الحج ، وعلاقتهم بالحجاج وخدماتهم لهم ، وكان أول رحالة ألماني يدخل مكة المكرمة .
واستطاع جون أن ينقل وبشكل جيد مشاهداته عن رحلة الحج ، فذكر ما يعانيه الحجاج في رحلتهم من مشاق ، ووضح ذلك في قوله : : " إن الحجاج الذين رافقهم عانوا في الطريق معاناة كبيرة، ومات منهم عدد عظيم، ونفق من الجمال أعداد لا تحصى " ، وقدّر عدد الحجاج القادمين من مصر، وسوريا ، واليمن ، في ذلك العام بنحو أربعين ألف حاج.
ومعاناة الحجاج التي تحدث عنها جون متعددة ، فمنها الخوف من قطاع الطرق الذين كانوا يتربصون بالحجاج وقوافلهم لأخذ الإتاوات حتى يسمح للقوافل بالمرور ، وإن تجاوزوهم وجدوا غيرهم يسلبون امتعتهم وأموالهم ، لذلك كان الحجاج لا يمشون فرادا بل جماعات نتيجة لغياب الأمن ، ولم تكن مخاطر الحج منحصرة على قطاع الطرق وحدها ، بل كانت الطرق التي يسلكها الحجاج محفوفة بمخاطر السيول والأمطار .
وإن كانت مناطق المشاعر المقدسة آمنة ، وبعيدة عن اللصوص وقطاع الطرق ، إلا أن لدغات الثعابين والعقارب كانت مميتة .
ولم تكن المدينة المنورة أحسن حالا ، فالطريق إليها لا يخلو من الوعورة واللصوص ، ولا يمكن أن تمر قافلة دون أن تدفع إتاوة لهؤلاء وأولئك , وإلا تعرضوا للسلب والنهب ، وما سجله جون هو جزء من المعاناة التي سجلها الآخرون .
اترك تعليقك