كتب/شحاته زكريا
توطين صناعة الأجهزة الكهربائية في مصر ليس مجرد فكرة طموحة ، بل هو ضرورة ملحة وأحد أهم ركائز التنمية الاقتصادية المستدامة .. فالحديث عن توطين هذه الصناعة يعني الحديث عن تعزيز القدرة الإنتاجية للبلاد ، وتوفير فرص عمل جديدة ، وزيادة معدلات النمو الاقتصادي ، والأهم من ذلك ، تحقيق الاكتفاء الذاتي الذي يضمن حماية الاقتصاد من تقلبات الأسواق العالمية.
إن العالم اليوم يشهد تنافسا شرسا في قطاع الصناعات الكهربائية ، ويعد امتلاك قدرات صناعية متطورة في هذا المجال مؤشرا لقوة أي اقتصاد .. لقد بات من الضروري أن تأخذ مصر هذه الخطوة الجريئة نحو توطين صناعة الأجهزة الكهربائية ، ليس فقط لتحقيق الاكتفاء المحلي ، بل أيضا لتصبح مركزا إقليميا للتصدير .. يُنافس كبريات الشركات العالمية.
توطين هذه الصناعة في مصر يعني تقليل الاعتماد على الاستيراد ، مما يوفر للدولة مبالغ ضخمة من العملة الصعبة تُستهلك في استيراد الأجهزة الكهربائية من الخارج. هذا التوجه لا يقتصر دوره فقط على تعزيز الموازنة العامة للدولة ، بل إنه يُسهم في تحسين ميزان المدفوعات وتقوية الجنيه المصري ، مما يعود بالفائدة على المواطن بشكل مباشر وغير مباشر.
من الناحية الاجتماعية ، يُعد توطين صناعة الأجهزة الكهربائية إحدى أهم الفرص لتقليل معدلات البطالة، حيث يفتح هذا التوجه مجالات عمل جديدة للشباب في مجالات الهندسة، والتصنيع، والتسويق، والصيانة. تلك الفرص لا تسهم فقط في توفير حياة كريمة للعمال، بل تخلق مجتمعا يتميز بالابتكار والتقدم ، حيث يتمكن الشباب من اكتساب مهارات جديدة تُواكب التطورات التكنولوجية العالمية.
من جانب آخر ، فإن صناعة الأجهزة الكهربائية تعد مجالا خصبا للاستثمار الأجنبي .. توطين هذه الصناعة سيجذب استثمارات ضخمة من الشركات العالمية التي تبحث عن أسواق واعدة وتريد أن تجعل من مصر مركزا إقليميا لمنتجاتها. هذا التوجه سيخلق حالة من التكامل الاقتصادي حيث يتبادل المستثمرون والخبرات التكنولوجية مع الكوادر المصرية مما يُعزز من مستوى الصناعة محليا ويدفعها نحو المنافسة الدولية.
ومن المهم الإشارة إلى أن توطين صناعة الأجهزة الكهربائية ينسجم مع رؤية مصر 2030 ، التي تضع نصب أعينها التحول إلى اقتصاد يعتمد على الصناعة المتقدمة وتطوير البنية التحتية الذكية. إن بناء مصانع متطورة للأجهزة الكهربائية يتطلب استخدام التكنولوجيا الحديثة ، مما سيدفع نحو تحديث الصناعات المصرية بشكل عام وتحقيق التقدم التكنولوجي الذي ننشده.
توطين هذه الصناعة ليس مجرد مشروع اقتصادي ، بل هو مشروع قومي يعكس رؤية مصر الجديدة. إن دعم الدولة لهذه الخطوة وتقديم التسهيلات اللازمة للمستثمرين وتوفير بيئة تشريعية مشجعة ، سيخلق مناخا ملائما لنجاح هذا المشروع ، وسيعزز من ثقة المصريين في صناعتهم الوطنية.
ختاما إن أهمية توطين صناعة الأجهزة الكهربائية في مصر تتجاوز الحدود الاقتصادية لتلامس عمق النهضة المجتمعية والفكرية. إنها خطوة تؤكد قدرة مصر على تحقيق الاكتفاء الذاتي ، وتبرز كفاءتها في المنافسة على الساحة العالمية. لنكن جميعا جزءا من هذا الحلم الوطني ، حلم "صناعة مصرية خالصة"، تضع اسم مصر في صدارة العالم الصناعي، وتعطي أجيالنا القادمة الأمل بمستقبل أكثر إشراقا واستقلالا
اترك تعليقك