كتب/شحاته زكريا
يشهد الشرق الأوسط في الآونة الأخيرة موجة جديدة من الصراعات الدبلوماسية والعسكرية مما يعكس تحول المنطقة إلى ساحة معقدة للتنافس بين القوى الإقليمية والدولية. وبينما تبدو المعارك الظاهرة حكرا على قضايا محددة مثل الملف النووي الإيراني أو الصراع الفلسطيني الإسرائيلي تزداد أهمية الصراعات الخفية حيث تسعى كل دولة لتعزيز موقعها على رقعة النفوذ والتأثير.
من جهةتعمل الولايات المتحدة على تعزيز علاقتها مع حلفائها التقليديين في المنطقة، مثل إسرائيل ودول الخليج العربي لاحتواء تصاعد نفوذ إيران التي تمثل المحور الرئيسي للمقاومة الإقليمية ضد السياسة الأمريكية. تدعم إيران بطرق مباشرة وغير مباشرة حلفاءها في سوريا ولبنان واليمن وتعزز من تأثيرها الاستراتيجي، مما يدفع واشنطن إلى إعادة تقييم سياساتها القديمة ومحاولة إيجاد بدائل تُبقيها على صلة وثيقة بالشرق الأوسط المتغير. لكن هذه المحاولات غالبا ما تُواجه بردود فعل قوية حيث تنظر بعض القوى الإقليمية إلى الوجود الأمريكي باعتباره جزءا من المشكلة.
إلى جانب هذه التوترات تأتي تركيا بقوة كلاعب يسعى إلى إعادة بناء حضوره التاريخي في المنطقة، فبينما تحافظ على علاقات اقتصادية قوية مع الغرب ، تستثمر في تنمية حضورها السياسي والعسكري في الشرق الأوسط خصوصا في سوريا وليبيا .. أما روسيا التي باتت تحتل مكانة متقدمة في ساحة الصراع ، فتُعتبر قوة عائدة بقوة إلى المنطقة حيث توفر دعما مفتوحا للحكومة السورية وتحاول تعزيز موقعها في شرق البحر المتوسط من خلال قواعدها العسكرية.
في هذا السياق تلعب مصر دورا محوريا حيث تحتفظ برؤية ثابتة تستهدف تحقيق الاستقرار الإقليمي من خلال دعم قضايا السلام العادل ، والحفاظ على توازن مع القوى العظمى بما يضمن عدم تورطها في تحالفات ضيقة تؤثر على سياستها الداخلية والخارجية. فالسياسة المصرية تعتمد على الوسطية والمرونة ، مع التركيز على حماية مصالحها الاستراتيجية ومصالح حلفائها العرب مما يجعلها نموذجا مهما في إدارة التوازنات الإقليمية.
وتبرز في خضم هذا المشهد المعقد حاجة الشعوب العربية إلى السلام والتنمية المستدامة بعيدا عن التدخلات الأجنبية التي تهدد استقرارهم. فالشعوب التي عانت من الصراعات والحروب الطويلة تتطلع إلى الاستقرار والازدهار وتحلم بتوجيه مواردها نحو التنمية بدلا من الصراع. لكن يبقى السؤال المطروح: هل يستطيع الشرق الأوسط الخروج من حلقة الصراع المزمنة أم أن المصالح الدولية ستظل حجر العثرة أمام بناء مستقبل مستقر للمنطقة؟
في النهاية يبدو أن المرحلة المقبلة تحمل الكثير من التحديات لكافة الأطراف فالتغيرات التي يشهدها الشرق الأوسط تتطلب تكيّفا مرنا من كافة القوى ، بما يضمن استمرارية مصالحها وتحقيق السلام الذي تنشده الشعوب
اترك تعليقك