الأخبار العاجلة
  • الثلاثاء, 28 يناير 2025
أخبار السياسة و الطاقة
  • رئيس مجلس الإدارة و التحرير
    خالد حسين البيومى
القمة المصرية-الصومالية-الإريترية: تحالف استراتيجي لأمن البحر الأحمر والتنمية المستدامة
السبت 12 أكتوبر 2024 03:38 م

كتب /شحاته زكريا

في خضم التطورات الجيوسياسية التي يشهدها القرن الأفريقي والبحر الأحمر ، تأتي القمة الثلاثية بين مصر إريتريا، والصومال في توقيت بالغ الأهمية ، لترسم ملامح تحالف استراتيجي جديد يهدف إلى تعزيز الاستقرار الإقليمي ،مكافحة الإرهاب، وتحقيق التنمية المستدامة. 

 أبعاد جيوسياسية وأمنية 

يمثل البحر الأحمر شريانا حيويا للتجارة العالمية ، وقناة السويس تحديدا تعتبر أحد أهم الممرات المائية التي تضمن تدفق البضائع والنفط بين الشرق والغرب. وبالنظر إلى الأهمية الاستراتيجية لهذه المنطقة، فإن تحقيق الأمن والاستقرار فيها يمثل أولوية قصوى للدولة المصرية. في هذا السياق ، تأتي القمة الثلاثية كخطوة استراتيجية للتعاون المشترك بين الدول الثلاث لمواجهة التهديدات المشتركة، وعلى رأسها الإرهاب والقرصنة البحرية.

من الناحية الأمنية ، يواجه كل من الصومال وإريتريا تهديدات متصاعدة من الجماعات المسلحة مثل "حركة الشباب المجاهدين" وغيرها من التنظيمات الإرهابية التي تسعى إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة. هنا تبرز أهمية الدور المصري بما تمتلكه من خبرات واسعة في مجال مكافحة الإرهاب وتطوير الهياكل الأمنية. من خلال تعزيز التعاون العسكري والأمني، تتشكل جبهة موحدة قادرة على مواجهة هذه التهديدات والحفاظ على أمن البحر الأحمر، مما ينعكس إيجابا على أمن الملاحة العالمية.

التحالف الاقتصادي والتنمية المستدامة

إلى جانب البعد الأمني تعكس هذه القمة توجها مشتركا نحو تحقيق التنمية المستدامة في دول القرن الأفريقي. تسعى كل من إريتريا والصومال إلى تطوير بنيتها التحتية وتنمية قطاعاتها الاقتصادية ، ويأتي التعاون مع مصر ليعزز هذا المسار من خلال جذب الاستثمارات المصرية ، وتبادل الخبرات في مجالات الزراعة، الطاقة، والتجارة. 

تحتل مسألة الربط الكهربائي مكانة مهمة في هذه الشراكة، حيث تسعى إريتريا إلى تطوير ميناء "عصب" ليصبح مركزا تجاريا إقليميا وهو ما يمثل فرصة استراتيجية لمصر في تعزيز دورها الاقتصادي في المنطقة. بالإضافة إلى ذلك، فإن تعزيز التعاون التجاري في مجالات الصادرات الزراعية والصناعية يمثل رافعة قوية لتحقيق النمو الاقتصادي المشترك.

 الدبلوماسية المصرية: الاحترام المتبادل وعدم التدخل

ترتكز السياسة الخارجية المصرية على مبادئ ثابتة تعزز من مصداقية الدور المصري في إفريقيا، وأبرز هذه المبادئ هو الاحترام المتبادل بين الدول، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية. هذا التوجه يرسخ من قدرة مصر على بناء تحالفات قوية قائمة على الشراكة الحقيقية وليس الهيمنة. لذا، فإن القمة المصرية-الصومالية-الإريترية تمثل نموذجا فريدا للتعاون القائم على المصالح المشتركة والاستقرار الإقليمي.

مستقبل التحالف ودوره في تعزيز الاستقرار الإقليمي

تعد هذه القمة نقطة تحول في مسار العلاقات بين الدول الثلاث ، حيث تؤسس لمرحلة جديدة من التعاون المستدام. التحالف بين مصر، الصومال، وإريتريا ليس مجرد تحالف اقتصادي وأمني، بل هو تحالف استراتيجي يسعى إلى إعادة رسم خريطة التوازنات الإقليمية في القرن الأفريقي، بما يضمن استقرار المنطقة وتنميتها على المدى الطويل.

في الختام تعتبر هذه القمة خطوة نوعية نحو بناء تحالف إقليمي قادر على مواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية. إنها بمثابة نموذج للشراكة البناءة التي تسعى مصر من خلالها إلى تأمين مصالحها الوطنية وتعزيز دورها القيادي في القارة الأفريقية، مما يسهم في تحقيق الاستقرار والرخاء لدول المنطقة.


اترك تعليقك

Top