كتب /شحاته زكريا
في عالم يشهد تغيرات جذرية على صعيد الطاقة والبيئة تتقدم مصر بخطى ثابتة نحو مستقبل يعتمد على الطاقة النظيفة متبنية رؤية استراتيجية تهدف إلى تحويل البلاد إلى مركز عالمي لإنتاج وتصدير الهيدروجين الأخضر .. هذا التوجه ليس مجرد استجابة لحاجات بيئية ملحة ، بل هو خطوة نحو تعزيز مكانة مصر الدولية وتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة.
تتجلى هذه الرؤية في إنشاء المجلس الوطني للهيدروجين الأخضر ومشتقاته والذي يعمل على توحيد وتنسيق الجهود الوطنية لتسريع الاستثمارات في هذا المجال الواعد. المجلس يسعى لأن يكون المحرك الرئيسي لتحويل مصر إلى دولة رائدة في سوق الهيدروجين العالمي ، مع استهداف إنتاج 5.6 مليون طن من الهيدروجين منخفض الكربون بحلول عام 2040 هذا الهدف الطموح ليس مجرد رقم بل هو تجسيد لرغبة مصر في الاستحواذ على 8% من السوق العالمي مما يجعلها لاعبا رئيسيا في التحول العالمي نحو الطاقة النظيفة.
لكن الطموح لا يتوقف عند هذا الحد فمصر تعمل على إنشاء وتوطين صناعة المحللات الكهربائية التي تعتبر العمود الفقري لإنتاج الهيدروجين الأخضر .. هذه الصناعة لن تساهم فقط في تعزيز الاقتصاد المحلي بل ستدعم جهود البلاد في إزالة الكربون من القطاعات الصناعية الرئيسية، مما ينعكس إيجابيا على البيئة والاقتصاد معا.
وعلى الرغم من التحديات المالية التي قد تعترض هذا المسار فإن مصر تمتلك استراتيجية متكاملة للتغلب عليها عبر اللجوء إلى التمويل التفضيلي ، كالقروض ذات الفائدة المنخفضة والمنح الفنية ، واستغلال المساعدات الدولية من مؤسسات مثل الاتحاد الأوروبي والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية وصندوق المناخ الأخضر تستعد البلاد لتأمين الموارد اللازمة لتحقيق هذه الأهداف .. بالإضافة إلى ذلك فإن توقيع مذكرات تفاهم وشراكات مع مطوري مشاريع الهيدروجين يمثل خطوة مهمة لجذب الاستثمارات الأجنبية ودعم هذه الصناعة الناشئة.
إن التحرك نحو الطاقة النظيفة وتحديدا الهيدروجين الأخضر ، ليس خيارا بل ضرورة تفرضها تطورات العصر. رؤية مصر في هذا المجال تعد نموذجا يحتذى به حيث تجمع بين الطموح والواقعية وتضع البلاد في مقدمة الدول التي تسعى لتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة دون الإضرار بالبيئة .. هذا التوجه يعكس إيمانا عميقا بأن مصر تمتلك القدرات والإمكانات لتصبح قوة اقتصادية وبيئية عالمية. ومع هذه الرؤية الاستراتيجية ، لا شك أن مصر قادرة على تحقيق قفزات نوعية تضعها في طليعة الدول الرائدة في مجال الطاقة النظيفة مما يعزز من مكانتها الدولية ويفتح أمامها آفاقا جديدة من النمو والازدهار
اترك تعليقك