كتب/شحاته زكريا
عندما نتحدث عن جيش مصر فنحن لا نتحدث عن مجرد قوة عسكرية تُدافع عن حدود البلاد ، بل عن تاريخ طويل ممتد منذ آلاف السنين حيث ارتبطت مكانة مصر بمكانة جيشها، وتجلّت قيمة هذا الجيش في لحظات الانتصار ووقت الأزمات على حد سواء. إنه ليس مجرد جيش نظامي، بل درع أمة وذاكرة وطن تعلّمت الأجيال من خلاله دروس الصمود والكرامة والولاء.
منذ فجر التاريخ عرفت مصر جيشا قويًا يذود عن ترابها. لا تزال أسماء أبطال هذا الجيش تضيء الصفحات بأحرف من نور. من الفرعون أحمس الذي طرد الهكسوس وحرر البلاد إلى قادة عظام عبر كل العصور ، سطروا أروع البطولات في ميادين المعارك . وفي عصرنا الحديث لا يمكن أن ننسى تلك اللحظات الفارقة في أكتوبر 1973، حينما صنع جيش مصر نصرًا أسطوريا محطّما جدار اليأس ومانحًا الأمة العربية أملًا جديدا.
لكن القوة الحقيقية لجيش مصر لا تكمن في عدد جنوده أو عتاده العسكري فقط، بل في عقيدته الراسخة وإيمانه بواجبه تجاه الوطن. هذا الجيش ليس مِلكا لفئة أو حزب أو حاكم ، بل هو انعكاس لشعب بأكمله يعيش بيننا ونعيش معه. الجندي المصري هو الفلاح في حقله، والطالب في جامعته، والعامل في مصنعه. تجده في كل بيت، يحمل على عاتقه راية الدفاع عن الأرض والعِرض دون انتظار مقابل.
وحينما تمر مصر بأوقات عصيبة يقف الجيش كصخرة تتكسّر عليها المؤامرات والتحديات. فهو الضامن لاستقرار البلاد ووحدة شعبها. وفي زمن لم تعد فيه الحروب مجرد مواجهات عسكرية بل صارت أشكالها متعددة، من حروب اقتصادية وإعلامية ونفسية.ظلّ جيش مصر يقظا مستعدا مدركًا أن حماية الوطن تتطلب المواجهة على كل الجبهات.
من هنا فإن الحفاظ على جيش مصر ليس خيارا بل ضرورة وجودية. هو الرصيد الحقيقي الذي تملكه الأمة لمواجهة المستقبل بكل تعقيداته ، خاصة في منطقة تتقاذفها أمواج الفوضى والخراب. إن جيش مصر الذي ظلّ لعقود حصنًا منيعًا لن يسمح أبدا بانزلاق البلاد إلى المجهول لأنه ببساطة جيش نشأ من قلب الشعب ولن يفرط أبدًا في حقه.
واليوم.حينما نرى جنود مصر يقفون في كل ربوع البلاد، يحمون حدودها ويؤمّنون مستقبلها يجب أن ندرك قيمة هؤلاء الأبطال الذين اختاروا التضحية ليحيا هذا الوطن في أمان. هذه الحقيقة تُذكّرنا بأن قوة مصر تكمن في أبنائها المخلصين الذين لا يعرفون سوى النصر أو الشهادة.
في النهاية سيظل جيش مصر عنوانًا للقوة والكرامة. ستبقى أعلامه خفّاقة فوق كل شبر من أرض المحروسة، وسيبقى كل مصري يدرك أن هذا الجيش هو السور الأخير الذي يحمي أحلامنا ويصون تاريخنا. تحية لكل جندي وضابط وقائد يحمل شرف الدفاع عن مصر، وتحية لكل أمّ قدّمت ابنها شهيدًا ليبقى الوطن عزيزًا مرفوع الرأس.
اترك تعليقك