حكايات مغربية ..الحكاية الثامنة عشر ..أقدم جامعة فى العالم ..جامعة القرويين بفاس

حكايات مغربية...الحكاية الثامنة عشر

أقدم جامعة في العالم... جامعة القرويين بفاس 

بقلم /هندالصنعانى 
المملكة المغربية إحدى الأراضي الطيبة التي عرفت مرور أسماء نسائية بارزة ساهمن في كتابة التاريخ ليس المغربي فقط بل العالمي.

لم يفرق التاريخ يوما بين سيرة فاطمة الفهرية وبين قصة أقدم جامعة في العالم وفقا لتصنيف موسوعة غينيس للأرقام القياسية واليونيسكو فما حكاية هذه السيدة الجليلة وكيف استطاعت أن تخلد اسمها الذي يقترن بهذا الصرح العظيم؟

هي فاطمة بنت محمد الفهرية القرشية الملقبة ب"ام البنين"، ولدت سنة 800 ميلادية بمدينة القيروان، تعتبر فاطمة مغربية المنشأ فقد أتت إلى المغرب في عهد حكم إدريس الثاني طفلة صغيرة لتختار برفقة عائلتها مدينة فاس مستقرا دائما لها.

بعد وفاة أبيها وزوجها، ورثث فاطمة وأختها مريم وحيدتي أبيهما ثروة طائلة منه ومن زوجها أيضا بعد وفاته، ولأن حياتها يسيطر عليها التدين والورع، لم تفكر إلا في بناء جامع ضخم سيصبح بمرور الزمن أقدم جامعة في العالم والتي كانت مقصدا للكثير من الأسماء والقامات العلمية الشهيرة حيث درس فيها ابن خلدون، ابن رشد، موسى ابن ميمون، والشريف الإدريسي وغيرهم كثيرون...

وفي فاتح رمضان من سنة 859 للميلاد، اقتنت فاطمة قطعة أرض بيضاء بنية بناء مسجد عليها وحلفت منذ ذلك اليوم الا تفطر يوما إلا بعد اكتمال الجامع وكان ذلك بمطالعة العاهل الإدريسي يحيى الأول.

انتهت فاطمة الفهرية من بناء جامع القرويين بعد 17 سنة، لتسلم روحها للموت بعد سنتين من تشييده اي بين عامي 878 م و880م لتضارب المعلومات حول سنة الوفاة.

تحول المسجد لجامعة حقيقية بداية من القرن الخامس الهجري/الحادي عشر الميلادي، وكانت المحاضرات تلقى في ساحته حيث كانت المساجد مكانا لتلقي العلم والدراسة، وكانت أول جامعة تمنح إجازة في الطب وأول مؤسسة اخترعت الكراسي العلمية المتخصصة والدرجات العلمية في العالم.

لم تكتف "ام البنين" بإنشاء أقدم جامعة في العالم فقط، بل أنشأت مكتبة ضخمة تضاهي مكتبة قرطبة والتي تضم مايزيد عن 600 ألف مجلد كما أنها تحتوي على 4000 مخطوطة أصلية.

اهتمام فاطمة الفهرية وأيضا اهتمام الحكام في المغرب من بعدها بهذا الجامع جعل مدينة فاس تحتل مكانة مميزة لتصبح المدينة العلمية وتنافس أكبر المدن الثقافية والأثرية.

ومثلما اختارت "ام البنين" فاطمة بناء جامع القرويين، نهجت أختها "أم القاسم" مريم نفس النهج وأنشات مسجدا عرف باسم "جامع الأندلس"، ولا يزال الجامعان يؤديان دورا رائدا في نشر الإسلام والعلوم في المغرب ثم نحو اوروبا، لكن يبقى جامع القرويين أول معهد ديني وأكبر كلية عربية وأقدم جامعة في العالم.