رسالة إلى أبي الراحل في يوم الأب
بقلم /د.غادة الدجوى
أرسل اليك والدي رحمة الله عليك ، رسالة عبر الآثير... و كل نفسي يقين بأنك تسمعني يا نفس نفسي...
والدي... كنا صغار و نهابك و نلعب من حولك و نضحك و نلهو و نبكي و نخاف و نخطأ و نصيب، ما كنا ندري عدد هذه الساعات و السام و الشهور و السنون...و ما كنا ندرك كم هي مهمة اللحظات التي نتحدث اليك فيها، ربما هذ هي الحياة التي لا ندركها في وقتها...نعم كانت كل هذ المشاعرو التصرفات التي تبدو متضادة و ولكنها كانت رغم تضادها الغير مفهوم في قمة الحقيقية، كنا ندفء حتى بنظراتك الساخنة عندما نخطيء، و كنا نستمتع بحديثك مع الغريب و القريب حتي و لو لم نفهمه وقتها، تعلمت منك دروس كثيرة ليست كلها أثناء حياتك، ربما أكثرها بعدما رحلت عن عالمنا إلى عالم أخر عندي يقين أنك في عالم أفضل أعطاك اجرك الحقيقي عن علمك و قلبك و نزاهتك و شخصيتك و عقلك الذي لن أعوضه، أعلم أن كلنا نرى أبائنا مختلفون و رائعون... لكنك حقًا يا أبي مختلف، مختلف في كل تصرفاتك و أفكارك و حساباتك المنطقية و اللا منطقية ، تعلمت منك بعد رحيلك عندما أدرك عقلي كلمة لماذا؟
نعم ... لماذا؟
كل ما يحدث شيئَا من حولي أعلم لماذا كنت تقوم بأحد الأشياء أو أجد إجابة عن شيء أو كلمة أو موقف كنت أنت فيه أو فعلته و لم افهمه.
أو عندما أقوم ببعض الأشياء أو انطق بعض كلماتك و :ان الأيام تقول لي " فهمتي لماذا"
أجد عقلك في عقلى عندما اقرأ أو أقوم بالتدريب أو الكتابة...
أجد لسانك في لساني عندما أحاول تفسير شيء أو أحاول شرح مفهوم جدي ليس له مرجعية إلا مرجعية أفكاري و دراساتي و تطوري المنظقي في الحياه..
أجد قلبك في قلبي عندما أتعامل مع المواقف الصعبة و الأليمة لموجعة من أناس كنا سويًا نأكل و نشرب و نحكي يوما من الأيام ، و كيف يهون قلبي علي قلبي وجعاته و أجد لساني ليقول مثلك من شدة الوجع " الله كريم، بصوتك و تشديدك لحرف اللام و اللسان ملتصق بأعلي الفم... و كأنك تقول للوجع " ز ما غرك برك الكريم" و ان الله عنده الكثير...
لكن يا و الدي...
من الصعب أن ألوم عليك كيف علمتنا الحياه، كيف علمتنا الحبة السلام، كيف علمتنا خدمة الحياه و أن العلم أهم الغايات و خاصة عندما تفيد به من حولك... كنت تفني روحك و قلبك و عقلك في البحث و القراءة و التعلم و أورثتني حب العلم و الكفاح و تطوير الذات و عدم البخل بالمعارف، و ان الله يزيدنا من علمه و فضله كلما كنا سبب بفضل الله في تعلم أشخاص أخرين، و لكن لم تعلمنا أن هناك من البشر من يضربنا دون أن ندري، و أ ن العلم يجعلنا محط الغيرة أو الكراهية فبعد فقد الفرص لقلة العلم ، أصبحنا نفق الفرص فقط لأننا نحاول دون كلل أن نستمر في العلم..
علمتنا أن العمل عبادة، و لم تعلمنا أن العمل و الاتقان يجعل البشر يحطمون عبادتك من العمل و ربما يحطمونا نحن...
علمتنا الحب و الخير و السلام و أن الغيرة بذرة علينا اقتلاعها من قلوبنا و فعلنا و لكن لم تعلمنا أن هناك أشخاص لا يغفرون لناالخطأ بعد كل الصواب.
علمتنا يا أبي الكثير الذي أمتن له له و لكن متغيرات الحياه جعلتني أشعر انني في مدينة منعزلة ، ربما بعض الوقت أجاهد لأتعايش و لكن لطمات البشر اقوى من لطمات الحياه،أتدري يا أبي ! اصبحت أتمنى أن أنسى كل ما تعلمت لأن العلم جعلني أدرك اشياء عديدة جعلني أدرك ما وراء أفعال الأخرين و كلماتهم ، جعلني أرى ما في خلف الكلمات و أشعر بالقادم من التصرفات و كم مزعج و مؤلم هذا على نفسي ، و دما أتمنى لو كنت بجانبي كي تعلمني كيف تكون الحياه بهدوء في وسط هذه العواصف، حقًا يا أبي لم يخذلني سبحانه و تعالى في دعواتي و منحني الكثير حمدًا لله.. و لكن أعلم عن هذه الأمنية مستحيلة... لكن ثقتي بأن صوتي ستسمعه حتي و لو بيننا العمر الراحل، و حتى و ان غابت ذرات جسدك تحت الثرى إلا أن قلب روحك عند رب العالمين يطبطب على روحي... فإلى أن نلتقي كن كما كنت لى دوما نفس نفسي التي تهمس لي رغم فراق العمر..
رحمة الله عليك و غفرانه
اترك تعليقك