الأخبار العاجلة
  • الأربعاء, 22 يناير 2025
أخبار السياسة و الطاقة
  • رئيس مجلس الإدارة و التحرير
    خالد حسين البيومى
سوريا بين التحولات المفاجئة والمصالح الخفية .
الاثنين 20 يناير 2025 01:51 م

كتب /شحاته زكريا

الحرب السورية واحدة من أعقد الأزمات السياسية والعسكرية في العصر الحديث. بعد أكثر من عقد من الزمن على بدايتها تعيش سوريا اليوم تحولا جذريا يثير تساؤلات حول المستقبل والمصالح التي أعادت تشكيل الخريطة السياسية للبلاد. رحيل بشار الأسد عن الحكم بشكل مفاجئ وسقوط نظامه في وقت قياسي أمام جبهة تحرير الشام التي لطالما عُرفت بأنها امتداد للقاعدة ليس مجرد حدث عابر ، بل يكشف عن تحركات قوى كبرى وعلاقات دولية خفية كانت وراء الكواليس.  

التغيرات المفاجئة في مسار الأحداث تحمل في طياتها تساؤلات يصعب الإجابة عنها بسهولة. كيف تمكنت جماعة محدودة العدد والعدة من السيطرة على مناطق واسعة من سوريا دون مقاومة تُذكر من الجيش النظامي؟ وما الذي دفع الأسد إلى مغادرة المشهد بعد سنوات من التمسك بالسلطة رغم كل التحديات؟ لا يمكن فهم هذا الانقلاب دون الأخذ بعين الاعتبار التدخلات الخارجية ، سواء المباشرة أو غير المباشرة. ما حدث لا يمكن فصله عن المصالح الإقليمية والدولية ، والتي بدا واضحا أنها توافقت على إنهاء مرحلة وفتح صفحة جديدة في سوريا ، وإن كان الثمن هو المزيد من الغموض وعدم الاستقرار.  

الموقف الدولي يُلقي بظلاله الثقيلة على المشهد السوري. الولايات المتحدة التي لطالما دعمت فصائل المعارضة، أعادت صياغة خطابها تجاه جبهة تحرير الشام وزعيمها أبو محمد الجولاني. تحولت الصورة الإعلامية من وصفه بالإرهابي إلى الثائر المعتدل مما يفتح الباب أمام تساؤلات حول الدور الحقيقي الذي لعبته القوى الكبرى في صناعة هذا التحول. أما روسيا، التي كانت الحليف الأبرز للأسد فقد اتخذت موقفا مبهما يُثير الشكوك حول صفقات جانبية ربما أبرمت لضمان مصالحها في مناطق أخرى من العالم.  

في ظل هذه التحولات تبدو سوريا اليوم أكثر انقساما وضعفا من أي وقت مضى. المصالح الدولية تسير على حساب الشعب السوري ، الذي دفع الثمن الأكبر من الدماء والدمار. المشهد الجديد لا يحمل تطمينات فالجماعة الحاكمة الآن تحمل إرثا من التطرف وقد تجد الأقليات والطوائف المختلفة نفسها أمام مستقبل مجهول في ظل غياب رؤية واضحة لإدارة البلاد.  

القوى الإقليمية ليست بعيدة عن التأثير في هذا الواقع الجديد. إسرائيل استغلت الفراغ السياسي والعسكري لتكثيف ضرباتها في سوريا، مُحققة مكاسب استراتيجية قد تُغير من خريطة المنطقة على المدى البعيد. إيران، التي اعتمدت على سوريا كجسر لنقل الأسلحة والدعم لحلفائها، تجد نفسها الآن في موقف ضعيف، بينما تراقب تركيا الوضع بحذر لتحقيق مكاسب جيوسياسية.  

ما حدث في سوريا ليس مجرد تغيير في السلطة ، بل هو إعادة ترتيب لموازين القوى في الشرق الأوسط. الشعب السوري الذي عانى الويلات خلال السنوات الماضية، قد يواجه الآن تحديات جديدة أكثر تعقيدا. مستقبل البلاد يظل مرهونًا بالصفقات التي تعقدها القوى الكبرى ، وبقدرة السوريين أنفسهم على استعادة زمام الأمور في ظل هذا المشهد المعقد


اترك تعليقك

Top