مجمع إنتاج السولار بأسيوط مشروع قومى يرسم ملامح مستقبل الطاقة فى مصر

مجمع إنتاج السولار بأسيوط مشروع قومي يرسم ملامح مستقبل الطاقة في مصر

كتب /شحاتة زكريا 

في خطوة استراتيجية تهدف إلى  تعزيز أمن الطاقة وتحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة ، تشهد محافظة أسيوط في صعيد مصر تنفيذ أحد أهم المشروعات القومية في قطاع البترول .. يتمثل هذا المشروع في إنشاء مجمع ضخم لإنتاج السولار ، والذي يعد بمثابة نقلة نوعية في صناعة تكرير البترول المصرية.

تابع المهندس كريم بدوي  وزير البترول والثروة المعدنية اليوم علي هامش مؤتمر التعدين  الموقف التنفيذي لهذا المشروع الحيوي خلال اجتماع موسع ضم ممثلين عن الشركات العالمية والمصرية المنفذة لأعمال إقامة المشروع .. وقد أكد الوزير أن هذا المشروع يأتي على رأس أولويات الوزارة ، نظرا لأهميته الاستراتيجية في زيادة إنتاج الوقود وتقليل الاعتماد على الاستيراد.

يجري تنفيذ المشروع بواسطة شركة أسيوط الوطنية لتصنيع البترول (أنوبك) .. وتبلغ تكلفته الاستثمارية نحو 3 مليارات دولار ومن المخطط أن يسهم هذا المجمع في زيادة إنتاج مصافي التكرير المصرية من السولار بشكل كبير، مما سيؤدي إلى تقليص فاتورة الاستيراد بنحو 40%. هذا الأمر له أهمية بالغة في ظل الجهود المبذولة لتحسين الميزان التجاري وتوفير العملة الصعبة.

وفقا لآخر التقارير بلغت نسبة تقدم الأعمال الكلية للمشروع 77% وهو ما يعد إنجازاً كبيرا يعكس الجهود المكثفة المبذولة من قبل جميع الأطراف المعنية. ومن المستهدف الانتهاء من المشروع في ديسمبر 2025 ، وفق البرنامج الزمني المحدد .. وقد أكد الوزير خلال الاجتماع على ضرورة بذل المزيد من الجهود لتسريع وتيرة العمل ، خاصة بعد وصول كافة المعدات المطلوبة إلى موقع المشروع.

يتميز هذا المشروع بالتعاون الوثيق بين الشركات المصرية والعالمية. فشركة تكنيب إنرجيز العالمية تعمل كمقاول عام بينما تشارك شركات مصرية رائدة مثل إنبي وبتروجت في أعمال التنفيذ .. وقد أشاد الوزير بالدور الهام الذي تلعبه هذه الشركات المصرية، مؤكداً على ما تمتلكه من كوادر هندسية وفنية متميزة قادرة على تنفيذ مشروعات بهذا الحجم والتعقيد.

إن مشاركة الشركات المصرية في تنفيذ هذا المشروع الضخم لها أهمية كبيرة تتجاوز مجرد المشاركة في الأعمال الإنشائية. فهي تسهم في نقل الخبرات وتوطين التكنولوجيا وتعزز قدرات الكوادر الهندسية والفنية المصرية في مجال صناعة تكرير البترول .. كما أن هذه المشاركة تؤدي إلى زيادة المكون المحلي في المشروع ، مما يدعم الصناعة الوطنية ويقلل من تكاليف الاستيراد.

يكتسب مشروع مجمع إنتاج السولار في أسيوط أهمية إضافية نظرا لموقعه في صعيد مصر ..فهو لا يمثل فقط إضافة لقطاع البترول.  بل يعد أيضا محركا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة. فمن المتوقع أن يوفر المشروع آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة ، مما سيسهم في تحسين مستوى المعيشة لأبناء الصعيد.

علاوة على ذلك فإن إقامة مشروع بهذا الحجم في محافظة أسيوط سيؤدي إلى تنشيط الحركة الاقتصادية في المنطقة بشكل عام .. فسيزداد الطلب على الخدمات المساندة مثل النقل والإسكان والتموين ، مما سيخلق المزيد من فرص العمل ويحفز النمو الاقتصادي. كما أن وجود مثل هذا المشروع الضخم قد يجذب المزيد من الاستثمارات إلى المنطقة ، مما يسهم في تحقيق التنمية المتوازنة بين مختلف أقاليم مصر.

من الناحية البيئية ، يولي المشروع اهتماما كبيرا بتطبيق أحدث التقنيات الصديقة للبيئة في عمليات إنتاج السولار. فالهدف ليس فقط زيادة الإنتاج، بل أيضا ضمان أن يتم ذلك وفق أعلى المعايير البيئية العالمية. وهذا يتماشى مع التزام مصر بتحقيق التنمية المستدامة وحماية البيئة.

إن مشروع مجمع إنتاج السولار في أسيوط يمثل خطوة هامة نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال الطاقة وهو أحد الأهداف الاستراتيجية لرؤية مصر 2030. فمن خلال زيادة الإنتاج المحلي وتقليل الاعتماد على الاستيراد ، سيسهم المشروع في تعزيز أمن الطاقة وتحسين الميزان التجاري للبلاد.

وفي ظل التحديات الاقتصادية العالمية وتقلبات أسعار النفط يكتسب هذا المشروع أهمية إضافية .. فهو يمنح مصر مرونة أكبر في التعامل مع تغيرات السوق العالمية، ويقلل من تأثير الصدمات الخارجية على الاقتصاد المحلي.

ختاما  يمكن القول إن مشروع مجمع إنتاج السولار في أسيوط ليس مجرد مشروع صناعي ضخم ، بل هو مشروع قومي بكل ما تحمله الكلمة من معنى. فهو يجسد رؤية مصر للتنمية المستدامة ، ويمثل خطوة كبيرة نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال الطاقة. كما أنه يفتح آفاقاً جديدة للتنمية في صعيد مصر، ويعزز مكانة البلاد في صناعة البترول الإقليمية والعالمية.

ومع اقتراب موعد اكتمال المشروع في ديسمبر 2025 تتطلع مصر إلى جني ثمار هذا الاستثمار الاستراتيجي. فمن المتوقع أن يسهم هذا المشروع بشكل كبير في دفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلاد ، وأن يكون نموذجا يحتذى به في المشروعات القومية المستقبلية. وبذلك ، يرسم مجمع إنتاج السولار في أسيوط ملامح مستقبل أكثر إشراقا لقطاع الطاقة في مصر ، ويؤكد على قدرة البلاد على تنفيذ مشروعات ضخمة تحقق التنمية الشاملة والمستدامة