مصر على مفترق طرق: تحديات الحاضر وآفاق المستقبل
في خضم التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها مصر يقف المواطن المصري شاهدا على مرحلة فاصلة في تاريخ بلاده .. فمن خلال المؤتمر الصحفي الأخير لرئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي تتجلى صورة واضحة لدولة تسعى جاهدة للتوازن بين متطلبات الإصلاح الاقتصادي وتطلعات شعبها نحو حياة أفضل.
يبدو جليا أن الحكومة المصرية تدرك حجم التحديات التي تواجهها فمن أزمة الديون إلى مشاكل الطاقة ومن تذبذب سعر الصرف إلى نقص الأدوية تقف مصر أمام جبل من المشكلات المتراكمة لكن ما يثير الاهتمام هو النهج الذي تتبعه الحكومة في مواجهة هذه التحديات.
فبدلا من الحلول السريعة والوعود البراقة، نجد خطابا يميل إلى الواقعية والتدرج فالحديث عن خفض الدين الخارجي بأكثر من 14 مليار دولار في خمسة أشهر يعطي مؤشرا إيجابيا لكنه يأتي مصحوباً بإعلان عن زيادات تدريجية في أسعار المنتجات البترولية. وهنا يكمن التحدي الأكبر:
كيف يمكن للدولة أن تحقق الإصلاح الاقتصادي دون إثقال كاهل المواطن البسيط؟
لعل الإجابة تكمن في التركيز على الاستثمار والإنتاج. فالدعوة لتشجيع الاستثمارات في قطاع البترول ، وخاصة في مجالي الزيت الخام والغاز ، تشير إلى رؤية تتجاوز مجرد سد العجز إلى خلق موارد جديدة لكن هذا التوجه يحتاج إلى بيئة استثمارية مستقرة وبنية تحتية قوية وهو ما يبدو أن الحكومة تسعى لتحقيقه من خلال مشاريع الطاقة والتنمية العمرانية.
ومع ذلك فإن التحدي الأكبر قد لا يكون اقتصاديا بحتا ، بل يتمثل في الحفاظ على ثقة الشعب. فالحديث عن الشفافية والزيارات الميدانية للوزراء يعكس إدراكا لأهمية التواصل المباشر مع المواطنين. لكن في عصر المعلومات المتدفقة والشائعات السريعة الانتشار ، يصبح بناء الثقة مهمة أكثر تعقيدا ..
وهنا يأتي دور المواطن المصري نفسه .. فبين مطرقة الضغوط الاقتصادية وسندان الطموحات المشروعة نحو حياة أفضل، يجد المصري نفسه مطالبا بالصبر والمشاركة في عملية البناء .. فالتنمية الحقيقية ليست مسؤولية الحكومة وحدها ، بل هي جهد جماعي يحتاج إلى تضافر كل القوى الوطنية.
في النهاية، تقف مصر اليوم على مفترق طرق. فإما أن تنجح في تجاوز هذه المرحلة الحرجة لتنطلق نحو آفاق جديدة من التنمية والازدهار، أو أن تغرق في دوامة من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية .. والخيار في نهاية المطاف ، ليس بيد الحكومة وحدها ، بل هو رهن بوعي الشعب المصري وقدرته على تحمل أعباء المرحلة والمشاركة في صنع مستقبله.
فهل ستكون مصر القادمة كما يتطلع إليها أبناؤها؟ الإجابة تكمن في الجهود المبذولة اليوم وفي قدرة الدولة والشعب معا على تحويل التحديات إلى فرص ، والأزمات إلى نقاط انطلاق نحو مستقبل أفضل.
اترك تعليقك