كان وليام محامٍ وكاتبَ عدلٍ إنجليزيٍّ بارع وقد سطع نجمُه في قاعات المحاكم في ليفربول.. حتى إنه لُقِّب بالنائب العام غير الرسمي فيها.. لِمَا تمتَّع به من عقلية قانونية عالية..
وشاء الله تعالى أن يُصاب وليام بمرض شديد.. فوجَّهه طبيبُه لتلقي العلاج في إسبانيا..
خرج وليام بمجموعه يقصد البلاد الحارة.. فنزل الجبلَ المعروفَ بجبل طارق وشاء القدرُ أن يأخذه من هناك إلى المغرب..
هنالك رأى حُجَّاجًا من المغرب وقد قاموا إلى وضوئهم يغسلون أيديهم ويأخذون من ماء البحر لوجوههم وأعضائهم يسبغونه على كل أطرافهم..
ولما أن مخرت السفينة عُباب البحر رآهم يصطفون صفا واحدا وليستقبلوا الله تعالى في صلاتهم..
فلما قالوا الله أكبر ودخلوا في الصلاة رآهم يمحون الدنيا من نفوسهم.. كأنهم فوق الدُّنيا كلها....
إنهم لا يلتفتون في صلاتهم إلى شيء..
لم تؤثِّر فيهم الرياحُ الشديدة..
ولا ما تفعله الأمواجُ بالسفينة..
وقد شملتهم السكينةُ وخشعوا خشوعًا لا يكون إلا بين يدي مَن هو أكبر مِن الوجود..
تأثَّر وليام بالمشهد وارتعش قلبُه وانفعل وأخذ على نفسه أن يبحث عن هذا الدين..
نزل في المغرب بطنجة وقرأ فيها ترجمةً لمعاني القرآن الكريم وكتاب (الأبطال) لتوماس كارليل وكتبا أخرى عن الرسول صلى الله عليه وسلم والإسلام..
شفي وليام جسدا وروحا ورجع إلى ليفربول وأشهر إسلامه هناك وسمى نفسه عبد الله كويليام وأنشأ أول مسجد يقام في المملكة المتحدة سنة 1886..
قال في إحدى خطبه:
"عندما غادرتُ طنجة كنت قد أصبحتُ مسلمًا، بعد أن استسلمتُ بالكليَّة لقوَّة قاهرة، لم أملك حيالها إلا الاعتراف بأن الإسلام هو الدين الحقُّ".
مرض وليام لا ليمرض، ولكن ليصحَّ!
وحكمةُ الله من وراء كل حكمة..
لقد هدى الله تعالى عبد الله كويليام ثم هدى به زهاء ألف إنجليزي وإنجليزية إلى أن توفي رحمه الله رحمة واسعة سنة 1932..
(مَآ أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ ٱللَّهِ ۗ وَمَن يُؤْمِنۢ بِٱللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُۥ ۚ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَىْءٍ عَلِيمٌ).
[التغابن: 11].
William Henry Quilliam
_______________________
اترك تعليقك