كتب : عاطف موسى
أصدر ائتلاف "نزاهة" المعني بمتابعة الانتخابات حول العالم، دراسة بعنوان "تأثير الحملات السياسية على زيادة الكراهية والتفرقة" تتناول بالرصد والتحليل ظاهرة تصاعد خطاب الكراهية خلال الحملات السياسية في الانتخابات التي شهدتها العديد من دول العالم، خلال النصف الأول من عام 2024، ومدى تأثيرها على شفافية ونزاهة الانتخابات، وذلك في دول: المملكة المتحدة وفرنسا، وانتخابات البرلمان الأوروبي، وروسيا، والهند، وجنوب إفريقيا، والسنغال، بالإضافة لحملات الرئاسة الأمريكية.
تناولت الدراسة، ارتفاع مستوى خطاب الكراهية والتفرقة العنصرية خلال فترات الانتخابات، في عالم يشهد اضطرابات متزايدة، وفي دول تعاني من هشاشة النظام الديمقراطي وضعف التنظيم السياسي، وفي الدول الهشة؛ تسعى بعض الأطراف للسيطرة على الحكم بطرق تمثل التفافًا على الشفافية والنزاهة الانتخابية، وهو ما يظهر بشكل خاص في بعض الدول الإفريقية التي تعاني من التوترات العرقية والانقسام المجتمعي، مما يخلق بيئة ملائمة لتزايد خطاب الكراهية والتفرقة العنصرية.
كما رصدت الدراسة، تصاعدًا ملحوظًا في خطاب الكراهية والتفرقة من الأحزاب السياسية والمرشحين، في الدول الأوروبية، في ظل تغيرات في المناخ السياسي العالمي، وتوجه نحو الفكر القومي اليميني والمتطرف، وتعاظم النزعات الشعبوية على حساب قيم المواطنة والتعايش المشترك، وإعلاء قيم الديمقراطية، والاحتكام للانتخابات على أساس البرامج السياسية بدلاً من خطاب الكراهية ضد الآخر.
وتشير الدراسة إلى أن ممارسات خطابات الكراهية خلال الحملات الانتخابية، يعكس مخاطر متزايدة على الأمن والاستقرار في الدول المختلفة، حيث لا ينتهي تأثير خطاب الكراهية والتفرقة بانتهاء المعركة الانتخابية، بل يمتد إلى ما بعدها، خاصة إذا نجح أصحاب هذا الخطاب في الوصول إلى السلطة التنفيذية والتشريعية، وقد يفتح ذلك الباب أمام تصاعد الاحتقان المجتمعي، الذي قد يصل إلى حد العنف والاقتتال الأهلي.
وتقدم جرس إنذار مبكر، بهدف الاهتمام بالسياقات الهشة في بعض الدول، والتأكيد على احترام حقوق الإنسان، ومكافحة خطاب الكراهية والتفرقة خلال الحملات الانتخابية، خاصة ما يتعلق بوضع قوانين صارمة تمنع استخدام خطاب الكراهية، وخاصة خلال الحملات الانتخابية وتحديد العقوبات المناسبة للمخالفين.
وتوضح الدراسة أنه رغم خطورة استخدام خطاب الكراهية خلال الانتخابات، فإنها في الوقت نفسه يمكن أن يكون سلاحًا ذا حدين، فقد تسعى بعض الحكومات إلى إساءة استخدام مزاعم خطاب الكراهية لتقويض منافسيها في الانتخابات وتقليص مساحة الحملات السياسية للمعارضة، كما يمكن تصنيف بعض الخطابات السياسية كخطاب كراهية، وخلال الحملات السياسية، تظهر ممارسات التضليل والترويج التي تستهدف تشويه المعارضين عبر نشر الشائعات وتشويه الحقائق، بهدف التشويش على الرأي العام وتقويض الثقة في الأفراد والمؤسسات.
وبحسب الدراسة فإن خطاب الكراهية لا ينشأ من فراغ، بل غالبًا ما يكون نتيجة لعدم المساواة والتمييز والتوترات العميقة في المجتمعات، فضلًا عن المؤسسات الهشة وتآكل الثقة بين الحكومة والمواطنين، وتتفاقم هذه الأزمات خلال أوقات الانتخابات، مما يعزز من استخدام خطاب الكراهية من قبل المرشحين الذين يسعون لكسب أصوات الفئات التي تعاني مسبقًا من عدم المساواة، أو الشرائح الناخبة التي تعارض طوائف وأجناس أخرى.
وتوصي الدراسة بأهمية سعي الدول إلى معالجة الأسباب الجذرية لخطاب الكراهية من خلال معالجة التوترات الاجتماعية والاقتصادية قبل وأثناء فترة الانتخابات، وتعزيز ثقافة التسامح والحوار بين الطوائف المختلفة، بالإضافة لتقوية دور المؤسسات المستقلة مثل لجان الانتخابات ووسائل الإعلام المستقلة ومنظمات المجتمع المدني في رصد ومكافحة خطاب الكراهية.
كما توصي الدراسة بدعم خطاب التسامح والسلام وتعزيز نشر الرسائل التي تتجاوز الكراهية والتفرقة، مع التركيز على تعزيز الوحدة والاحترام المتبادل بين جميع الأطراف، والتأكيد على حقوق اللاجئين والمهاجرين وعدم الانتقاص من حقوق المواطنين، وعدم استخدامهم كأداة انتخابية لكسب الأصوات، بالإضافة لإنشاء برامج مجتمعية تهدف إلى مكافحة عدم المساواة والتمييز، وتعزيز المساواة والعدالة في المجتمع.
يشار إلى أن ائتلاف "نزاهة" يضم 5 منظمات أجنبية ومنظمتين مصريتين، ومتابعين من 34 دولة حول العالم، ويعمل على متابعة الانتخابات وفق المعايير الدولية المتعارف عليها للانتخابات الحرة والنزيهة، فضلًا عن الصكوك الدولية لحماية حقوق الإنسان ذات الصلة بالمشاركة السياسية والتنافس الإيجابي.
اترك تعليقك