كتب /شحاته زكريا
في خطوة تحمل دلالات استراتيجية عميقة ، تأتي زيارة وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إلى القاهرة اليوم في إطار محاولات إعادة تشكيل التحالفات الإقليمية وفتح قنوات جديدة للحوار في منطقة تعيش توترات مستمرة. لم تكن هذه الزيارة مجرد لقاءات دبلوماسية روتينية، بل تحمل في طياتها رمزية عميقة لدور مصر المحوري في الشرق الأوسط ، حيث تسعى القاهرة دائما للعب دور الوسيط البناء في مختلف النزاعات الإقليمية.
أهمية الزيارة من منظور إقليمي
في ظل التحولات المتسارعة على الساحة الإقليمية والدولية تجد مصر نفسها في مركز هذه الديناميكيات ، خصوصا مع تصاعد أزمات المنطقة بدءا من الصراع في سوريا واليمن وصولا إلى التوترات في الخليج .. وجود عراقجي في القاهرة يشير إلى أن طهران تدرك جيدا أهمية القاهرة كعنصر فاعل في التوازنات الإقليمية. مصر التي تحتفظ بعلاقات معقدة مع القوى الكبرى في المنطقة ، تمتلك القدرة على التواصل مع جميع الأطراف وهو ما يجعلها وسيطا لا غنى عنه في أي جهود تسعى لحل الأزمات المستعصية.
أبعاد التعاون المصري الإيراني
رغم الاختلافات الأيديولوجية والتاريخية بين القاهرة وطهران ، إلا أن هناك حاجة ملحة لإيجاد نقاط مشتركة تحقق استقرار المنطقة. الزيارة قد تكون مقدمة لحوار بناء حول القضايا العالقة مثل أمن الخليج ، التوازنات في العراق، ومستقبل سوريا. ومصر بحكم موقعها الجغرافي ودورها التاريخي ، تمتلك نفوذا قادرا على إحداث تغيير حقيقي في مسارات الصراع.
دور مصر في إحداث توازن إقليمي
تعكس هذه الزيارة رغبة الطرفين في إعادة رسم خريطة التحالفات وربما التوصل إلى تفاهمات جديدة قد تسهم في تخفيف حدة التوترات. القاهرة ، التي لطالما كانت رافعة للاستقرار في المنطقة تدرك أن الحوار هو السبيل الوحيد للوصول إلى تسويات دائمة. كما أن التعاون مع إيران في ملفات معينة قد يفتح المجال لتوسيع دائرة التحالفات الإقليمية مما يعزز من دور مصر كقوة محورية في صناعة المستقبل السياسي للشرق الأوسط.
مصر: صوت العقل وسط صخب الأزمات
في وقت تتصاعد فيه الحروب الكلامية والتحركات العسكرية في أكثر من جبهة تبقى مصر صوت العقل والحكمة، حيث تسعى دائما لتعزيز الحوار وتجنب الصدام. زيارة عراقجي ليست مجرد لقاء بروتوكولي ، بل هي مؤشر على أن القاهرة لا تزال تلعب دورا رئيسيا في صياغة المعادلات الإقليمية ، وتقديم نفسها كقوة دبلوماسية تسعى لتحقيق الاستقرار الإقليمي بعيدًا عن لغة القوة.
و في الأخير زيارة وزير الخارجية الإيراني إلى مصر تحمل في طياتها أبعادا تتجاوز البروتوكولات المعتادة. إنها تعبير عن أهمية الدور المصري في المرحلة الراهنة ، وحاجة القوى الإقليمية لإيجاد أرضية مشتركة للتعاون والحوار.
القاهرة التي نجحت مرارا في تحقيق التوازن بين مختلف الأطراف ، تقف اليوم على أعتاب مرحلة جديدة قد تشهد مزيدًا من الانفتاح والتقارب مع طهران ، مما قد يسهم في تهدئة الساحة الإقليمية وتعزيز الاستقرار في المنطقة.
اترك تعليقك