من صحراء كوبوتشي الصينية .. "تكشف أسرار أكبر محطة للطاقة الشمسية في العالم
منغوليا الداخلية – الصين – محمود سعد دياب
لموقع أخبار السياسة والطاقة
كثير من الأمور تربط مصر بالصين، ليس فقط في قديم الزمان وحكايات طريق الحرير والتبادل التجاري والثقافي، ولكن أيضًا في الحاضر والخطط المستقبلية لإحداث تنمية مستدامة تحقق الرفاهية للشعبين، وإذا نظرنا إلى "رؤية مصر 2030"، نجدها متوافقة مع خطط الصين لتحقيق التنمية خصوصًا في مجال الطاقة النظيفة، التي أصبحت هدفًا لقيادات البلدين من أجل التخلص من توليد الطاقة بالفحم والغاز والوصول إلى مرحلة الاعتماد الكلي على الطاقة الجديدة والمتجددة كبديل آمن، خصوصًا مع توافر الشمس والرياح في مساحات شاسعة في مصر وشمال وشمال غربي الصين.
في بنبان جنوب مصر، سعت المحروسة لبناء أكبر محطة لتوليد الطاقة الشمسية في العالم، في مجمع على مساحة 37 كلم مربع، بهدف زيادة استخدام مصر للطاقة المتجددة إلى 22% من إجمالي استخدامات الطاقة المحلية بحلول عام 2020،بأجمالى 1450ميجاوات بما يساوى 90%من الكهرباء المنتجه بالسد العالى ولم تنس أن تستفيد من الخبرات الصينية في هذا المجال، حيث تشارك إحدى أكبر الشركات الصينية في المشروع بجانب شركات أخرى روسية ومن جنسيات أخرى، خصوصًا إذا علمنا أن الصين هي أكبر دولة منتجة للطاقة الشمسية في العالم، فإذا نظرت من الطائرة إلى معالم مدينة داتونج، شمالي الصين، سترى صورتين عملاقتين لاثنين من حيوان الباندا، إحداهما تبدو وكأنها تلوح بيديها لك، وتتألف الصورتان من آلاف الألواح الشمسية.
وتشكل هذه الألواح، بالإضافة إلى ألواح أخرى مجاورة، محطة عملاقة للطاقة الشمسية قدرتها 1000 ميجاوات، وتمتد على مساحة 248 فدانا تقريبا، إلا أن هذه المحطة، بالمقاييس الصينية، لا تعد من المحطات الكبيرة، لكنها بالتأكيد مصدر للفخر، وتقول الشركة التي أقامت المحطة، في أحد مستنداتها الرسمية، إن هذه المحطة "صُممت وبنيت لتجسد الكنز القومي الصيني، وهو الباندا العملاقة".
معجزة كوبوتشي
ولكي نتخيل كيف ستكون أكبر محطة لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية في العالم، في بنبان جنوب مصر وقت انتهائها، " عند زيارة أكبر محطة في العالم في الوقت الحالي، وتقع في قلب صحراء كوبوتشي، بمحافظة منغوليا الداخلية، فهناك أقامت شركة إليون الحكومية أكبر مشروعات الطاقة الشمسية الكهروضوئية في الصين والعالم، على مساحة 33 كلم مربع والذي جاء في إطار خطة مكافحة التصحر، حيث طورت الشركة الصناعة البيئية بما يحافظ على البيئة ويعود بالفائدة على الاقتصاد الوطني، حيث أنشأت حقول كبيرة على مرحلتين كل مرحلة تشغل مساحة 3400 هكتار لتوليد الطاقة الكهربائية من الشمس، حققت إيرادات مبيعات قدرت بـ 660 مليون يوان سنويًا، نتيجة توليد 900 مليون كيلووات من الكهرباء يتم توليدها بواسطة الألواح الكهروضوئية و1000 ميجاوات بالحرارة الشمسية، وأنه تم توصيل جزء منها في شبكة الكهرباء الوطنية، وتصدير الباقي إلى المقاطعات المجاورة.
أحد مسئولي الشركة الحكومية، قال إن مشروع الطاقة الجديدة، بتوليد الكهرباء من الشمس، يأتي في إطار مشروع محاربة التصحر في كوبوتشي سابع أكبر صحاري الصين، والذي بدأ عام 1988، بحجم استثمارات وصل وقتها إلى 38 مليار يوان (5.82 مليار دولار) ، بالإضافة إلى مشروعات عديدة ومجتمعات سكنية تم خلقها في قلب الصحراء، مما ساعد على انتشال حوالي 102000 من المزارعين والرعاة المحليين من براثن الفقر.
وأضاف المسئول أن مشروع محطة الطاقة الشمسية، مقام على مساحة 6700 هكتار بحجم استثمارات يصل إلى 11 مليار يوان، وأن نجاحه منحهم الحماس لتحسين نظام البيئة، والتقليل من الانبعاثات الكربونية الناتجة عن استخدام الفحم، متوقعًا أن تقل تلك الانبعاثات بمقدار 200 ألف طن متري مع التوسع في استخدام الطاقة الجديدة والمتجددة من الرياح والشمس، وأن يقل الغبار بمقدار 800 ألف طن متري.
وأشار إلى أن الرئيس الصيني شي جين بينج، طالب خلال الدورتين السنويتين للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني العام الماضي، بضرورة استخدام الطاقة صديقة البيئة والتخلص تدريجيًا من محطات توليد الطاقة باستخدام الفحم، وصولا إلى دولة كاملة نظيفة دون تلوث في عام 2030، وخص بالحديث محطة الطاقة الشمسية في صحراء كوبوتشي بوصفها الأكبر في الصين، ووصفها بأنها "مشروع يخدم الاقتصاد والمجتمع".
ولفت إلى أنه باكتمال المرحلة الثالثة من المشروع، ستكون الشركة قادرة على توفير 4 مليارات كيلووات في الساعة من الطاقة، بقيمة 1.5 مليار يوان (221 مليون دولار)، كما ستقلل من انبعاثات الغبار وثاني أكسيد الكربون بمقدار 3.9 مليون طن سنويًا ، وأن الشركة على المستوى التقني قامت بدور نشط في تقديم تقنيات متطورة، مثل تقنية HCPV والتي تعد الجيل الثالث من تكنولوجيا الطاقة الكهروضوئية، مما أدى إلى تحسين كفاءة توليد الطاقة بشكل كبير.
وتؤكد الأرقام أن الصين هي أكبر مستهلك للطاقة في العالم، وأكبر دولة تستخدم الطاقة الجديدة والمتجددة، كوسيلة للحد من استخدام الفحم الذي يستحوذ حتى الآن على 85% من حجم استخدامه في توليد الكهرباء، ولكنها تسعى إلى التوسع في الطاقة المتجددة كوسيلة أمنة بالإضافة إلى الغاز الطبيعي ووسائل أخرى.
وأوضح مسئول الشركة الحكومية، التي نفذت أكبر محطة للطاقة الشمسية في العالم بصحراء كوبوتشي، أن المشروع عبارة عن "كعكة من خمس طبقات"، لم يتضمن فقط تلك المحطة ولكنه تضمن مشروعات صغيرة ومتوسطة عديدة في الزراعة خصوصًا الزراعات العطرية والعشبية، وتربية المواشي ما خفف من حدة الفقر في المنطقة .
وأضاف أن الشركة قدمت للمزارعين خدمات كبيرة خصوصًا ممن يعانون من الفقر، مثل استئجار أراضيهم الصحراوية غير المستغلة، وإلحافهم بالعمل في حقول الطاقة الشمسية وقت تركيب المعدات، ثم تم التعاقد معهم على زراعة النباتات وتنظيف الألواح الكهروضوئية، حيث تحصل كل أسرة في المتوسط على 350 ألف يوان صيني سنويًا نظير تنظيف ألواح 4MW أربع مرات في السنة وزراعة الأعشاب تحتها.
اترك تعليقك