كتب /شحاته زكريا
في عالم يعج بالصراعات السياسية والعسكرية ، يأتي اغتيال القائد الفلسطيني يحيى السنوار كأحد أبرز الأحداث التي تعصف بالمشهد الفلسطيني مثيرا تساؤلات حول مستقبل حركة حماس والمقاومة الفلسطينية بشكل عام فقد كان السنوار رمزا للقوة والمقاومة ، وغيابه يطرح تساؤلا عميقا: هل هذا الاغتيال يمثل ضربة قاضية لحماس ، أم أنه بداية لمرحلة جديدة من الصراع وتطوير في أساليب المقاومة؟
رمزية اغتيال السنوار: ضربة للجسد لا للفكر
لطالما كان يحيى السنوار قائدا ميدانيا وسياسيا بارزا داخل حركة حماس فاغتياله ليس مجرد استهداف لشخصية مؤثرة ، بل هو محاولة لكسر الروح المعنوية للمقاومة الفلسطينية. إلا أن التاريخ الفلسطيني حافل بشخصيات اغتيلت لكنها لم تموت فكرتها فكما كانت اغتيالات سابقة كاغتيال الشيخ أحمد ياسين بداية لصعود جيل جديد من القيادات يمكن أن يكون اغتيال السنوار أيضا فرصة لإعادة صياغة استراتيجيات المقاومة بشكل يجعلها أكثر مرونة وتكيفًا مع المتغيرات.
صعود جيل جديد من القيادات: الفرصة المستترة
كلما غابت شخصية بارزة مثل السنوار ، تظهر شخصيات جديدة لتحمل الراية. ويبدو أن هذا السيناريو قد يتكرر حيث يمكن أن تشهد المرحلة القادمة بروز قادة ميدانيين لديهم رؤية جديدة تتناسب مع تحديات المرحلة. هؤلاء القادة قد يأتون بفكر مختلف.يدمج بين الاستمرار في المقاومة المسلحة وتوسيع مساحة العمل السياسي والدبلوماسي.
تغيير في الاستراتيجية: ما بعد الغارات وما قبل الدبلوماسية
من المتوقع أن تلجأ حركة حماس إلى إعادة تقييم استراتيجيتها العسكرية والسياسية بعد اغتيال السنوار. وبينما قد نشهد تصعيدا محدودا كنوع من الرد الفوري على هذا الاغتيال ، إلا أن الحركة قد تجد نفسها مضطرة إلى تبني استراتيجيات أكثر تكتيكية ، تعتمد على بناء تحالفات جديدة وترتيب أولوياتها بما يضمن استمرار دعمها الشعبي داخليا وإقليميا.
كما قد تتجه الحركة نحو التوسع في استخدام القوة الناعمة سواء من خلال تعزيز التحالفات الإقليمية أو استغلال التضامن الدولي مع القضية الفلسطينية لتحقيق مكاسب سياسية.
دور الشعب الفلسطيني: الكفاح مستمر
في ظل التصعيد المتكرر والضغوط الاقتصادية والمعيشية التي يواجهها الشعب الفلسطيني ، يبقى الدور الشعبي هو الأساس في تحديد مسار المقاومة. فاغتيال قيادي مهم مثل السنوار قد يكون له أثره لكن الذاكرة الفلسطينية تعودت على أن المقاومة ليست مرتبطة بشخص واحد. الشعب الفلسطيني بطبيعته صامد وستظل الروح المعنوية حية مهما كانت الضغوط.
التأثير على التحالفات الإقليمية: تعديل في قواعد اللعبة
التحالفات التي بنتها حركة حماس مع دول إقليمية كإيران وتركيا وقطر ستبقى حاسمة في تحديد مسار الحركة في المرحلة المقبلة. هذه التحالفات قد تجد نفسها مضطرة لإعادة ترتيب أوراقها ، ودعم حماس بشكل أكبر لتعويض الخسارة. يمكن أن نشهد مزيدا من التدخلات الإقليمية سواء على المستوى المالي أو اللوجستي لدعم صمود المقاومة.
هل سنشهد نهجا أكثر تكتيكا؟
ما بعد اغتيال السنوار قد يكون بداية لتحول تكتيكي في عمل المقاومة. فالسنوار كان معروفا بقدرته على التكيف مع الظروف المتغيرة وبنفس المنهج قد تلجأ حماس إلى استغلال الخبرة المتراكمة في المواجهة مع الاحتلال لإعادة صياغة أساليبها. ربما نرى توجها نحو تنفيذ عمليات أكثر تكتيكية وحذرا ، وفي الوقت ذاته تعزيز جهودها الدبلوماسية لكسب المزيد من الدعم الدولي.
وفي الأخير: المقاومة لا تموت
اغتيال يحيى السنوار ليس النهاية بل هو بداية لمرحلة جديدة تتطلب من المقاومة الفلسطينية المزيد من التكيف والمرونة. إذا كانت حماس قادرة على استيعاب الدرس من هذا الاغتيال وتوظيفه في تحسين استراتيجياتها، فإن المقاومة ستظل قائمة وربما أكثر قوة من ذي قبل.
فالاغتيالات لا تكسر إرادة الشعوب ، وإنما تعزز قناعتها بأن الكفاح هو السبيل الوحيد نحو تحقيق الحرية والعدالة.
اترك تعليقك