البر بالوالدين
بقلم نجاة تقني
جلس على الأريكة ينظر إلى هاتفه تارة وإلى التلفاز تارة أخرى. شاهد حلقة المسلسل المغربي "عافاك أبابا" مرات عديدة، لكنه لا يتذكر تفاصيل الحكاية. سأل زوجته:
- أأعجبك هذا المسلسل، أم تريدين مشاهدة قناة أخرى؟
أجابته خديجة بصوت خافت:
- برامج كل القنوات متشابهة.. أريد التجول في المدينة، علني أستنشق هواء أنقى من هواء هذه الغرفة الضيقة.
قال لها معاتبا:
- منزلنا كبير يا امرأة، فأنت لا تستطيعين تنظيفه وحدك.
تنهد ثم تابع قوله: ماذا سنأكل اليوم؟
عقدت حاجبيها مستاءة ثم قالت له:
- الثلاجة مليئة بالخضر والفواكه، لكنني لاأستطيع الطهي، فمنذ البارحة وأنا أعاني من ألم المفاصل الحاد. فلنذهب إلى المدينة قد نجد أكلا جاهزا.
ضغط على زر جهاز التحكم فأوقف تشغيل التلفاز، ثم قال لخديجة:
- اِرتدي جلبابك كي نخرج بعد قليل.
ابتسمت ثم قالت لآدم:
- سأكون جاهزة بعد دقائق.
قبل أن تصل إلى غرفة النوم، سمعت صوت جرس الباب، ثم صوت آدم يرحب بابنتهما مروة:
- أهلا وسهلا بِقُرَّةِ عيني ابنتي الغالية الحنون.
- السلام عليكم أبي الغالي، رمضان مبارك كريم.
سارت خلف والدها وهي تحمل أكياسا محملة بما لذ وطاب : التمر والحريرة المغربية، والشباكية، والمسمن، والمقروط، وسلو، والبيض المسلوق، وطاجين الحوت. وضعتهم على الطاولة التي تتوسط غرفة الضيوف، ثم هرولت نحو والدتها، وعانقتها بحرارة ثم قالت لها:
- اشتقت إليكم كثيرا.
همست لها أمها بصوت حنون:
- اشتقنا لك ولإخوتك أكثر. فأنتم قرة العين ونبض القلب. لماذا أحضرت كل هذه المأكولات؟ كنا نستعد للخروج كي نشتري الأكل الجاهز.
- كيف أترككما تأكلان مأكولات المطاعم وأنا أستطيع الطهي؟ سأطهو لكما كل يوم مأكولاتكما المفضلة.
- لا تتعبي نفسك يا عزيزتي، فالدكاكين مليئة بالأكل الجاهز، وإخوتك اشتروا لنا الكثير، افتحي الثلاجة فهي مليئة باللحم والخضر والفواكه والحليب والعصائر.
- أخذت إجازة يا أمي، سأقضي شهر رمضان معكما إن شاء الله.
رَدَّ والدها بصوت ملؤه البهجة والسرور:
- مرحبا بك في منزلك ابنتي المدللة مروة.
نظر إلى خديجة التي كانت تُرَبِّتُ بيدها على كتف مروة، ثم سألها:
- هل نخرج كي تستنشقين الهواء النقي؟
أجابته مبتسمة:
- صار الفضاء نقيا يتلألأ نورا. حفظ الله أولادنا البارين وسهل الله أمورهم وأبعد عنهم كل شر.
رَدَّتْ عليها مروة:
- دعواتكما لنا أمي وأبي هي سر نجاحنا. أطال الله عمركما وحفظكما وأسعدكما إن شاء الله.
اترك تعليقك