كتب /شحاته زكريا
في ظل التحديات المتسارعة التي تواجه المجتمعات الحديثة أصبح الحوار بين الأطراف الفاعلة ضرورة لا غنى عنها لتحقيق التقدم والتنمية المستدامة. الحوار ليس مجرد وسيلة لتبادل الأفكار بل هو أداة استراتيجية لتنسيق الجهود وتوحيد الرؤى بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني، بما يسهم في خلق بيئة مواتية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية.
في مصر تتجلى أهمية الحوار من خلال الجهود المبذولة لتفعيل قنوات التواصل بين مختلف الأطراف. فعلى سبيل المثال تأتي جلسات رئيس الوزراء مع ممثلي القطاع الخاص ورجال الأعمال لتسلط الضوء على القضايا الملحة التي تواجه الاقتصاد المصري. هذه اللقاءات تفتح المجال أمام مناقشات صريحة حول البيروقراطية والإصلاح التشريعي والتحديات الإدارية التي تعوق الاستثمار والتنمية.
لكن الحوار لا يقتصر على معالجة المشكلات القائمة فقط بل يمتد إلى صياغة رؤية مشتركة للمستقبل. الرقمنة على سبيل المثال تمثل إحدى الأولويات التي يتم التركيز عليها في الوقت الحالي. فالتحول الرقمي ليس مجرد تحسين للخدمات بل هو خطوة استراتيجية لتجاوز العقبات البيروقراطية وتحقيق كفاءة أكبر في الأداء الحكومي.
الرئيس عبد الفتاح السيسي كان واضحا في تأكيده على ضرورة تطوير الجهاز الإداري للدولة بما يتماشى مع متطلبات العصر. هذه الدعوة ليست مجرد توجيه بل هي خارطة طريق لتحويل الجهاز الإداري إلى كيان يعتمد على التكنولوجيا والابتكار، بعيدًا عن التعقيدات التقليدية.
إلى جانب الإصلاح الإداري هناك اهتمام متزايد بجذب الاستثمارات سواء المحلية أو الأجنبية. الحكومة تبذل جهودًا كبيرة لتقديم تسهيلات تشريعية وتنفيذية تسهم في تشجيع القطاع الخاص على زيادة استثماراته. ومع ذلك يبقى التنفيذ الفعلي لهذه التسهيلات هو المعيار الذي سيحدد مدى نجاحها في تحقيق الأهداف المنشودة.
ولا يمكن إغفال دور الحوار الوطني في هذا السياق. هذا المنبر أصبح مساحة لتبادل الأفكار بين مختلف التيارات السياسية والاقتصادية، بما يضمن تمثيلًا أوسع للرؤى المختلفة. التوصيات التي خرجت من هذا الحوار والتي بدأ تنفيذ بعضها، تعكس أهمية الاستماع إلى صوت المجتمع في صياغة السياسات.
التحديات الاقتصادية مثل التضخم وزيادة تكاليف المعيشة، تتطلب تضافر الجهود بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني. من هنا يصبح الحوار أداة للتخطيط المشترك والتعامل مع التحديات بروح الفريق الواحد.
في النهاية النجاح في تحقيق التنمية المستدامة يعتمد بشكل كبير على استمرار هذه الحوارات وفاعليتها. فالحوار ليس حدثا مؤقتا بل هو عملية مستمرة لبناء جسور الثقة وتوسيع آفاق التعاون. وبقدر ما ننجح في تعزيز هذا النهج نقترب أكثر من تحقيق مستقبل مشرق للأجيال القادمة.
اترك تعليقك