الأخبار العاجلة
  • الخميس, 06 فبراير 2025
أخبار السياسة و الطاقة
  • رئيس مجلس الإدارة و التحرير
    خالد حسين البيومى
الشرق الأوسط على مفترق الطرق ..  الحقيقة المرة والمستقبل الغامض
الأربعاء 05 فبراير 2025 09:52 م

في عالم السياسة هناك لحظات فارقة تغيّر مجرى التاريخ وتجعلنا نعيد النظر في كل شيء كنا نعتبره ثابتا. وما حدث مؤخرا في المؤتمر الصحفي بين الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ورئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو ليس مجرد لقاء عابر أو تصريحات دبلوماسية عادية بل هو إعلان صريح بأن الشرق الأوسط كما نعرفه يقف على حافة تغيير جذري.  

وعد بلفور جديد.. ولكن بصيغة أكثر قسوة

في السياسة الدولية نادرا ما نجد رئيس دولة يتحدث بكل هذه الصراحة عن مخطط تهجير شعب بأكمله من أرضه. ترامب الذي لطالما عرف بتصريحاته الاستفزازية ، لم يلتف حول الكلمات هذه المرة بل قالها بشكل مباشر: إما الخروج أو الموت في إشارة إلى سكان قطاع غزة الذين يواجهون تهديدا غير مسبوق.  

الرسالة واضحة وصادمة: لا مجال لأي حلول وسطى ولا حتى لما كان يُسمى بـ"حل الدولتين". فالحديث هنا ليس عن مجرد غارات جوية أو تصعيد عسكري بل عن إزالة قطاع غزة من الخريطة ككيان فلسطيني ، واستبداله بمشروع إسرائيلي-أمريكي جديد.  

السيطرة الأمريكية على غزة.. احتلال بنكهة حديثة

الأكثر غرابة في حديث ترامب لم يكن فقط طرد سكان غزة ولكن أيضا الحديث عن "ملكية دائمة" للقطاع من قبل الولايات المتحدة. هذا يعني أن غزة لن تصبح جزءا من إسرائيل فقط بل قد تتحول إلى قاعدة أمريكية حيث تتولى واشنطن القضاء على أي مقاومة فلسطينية متبقية ، ثم تبدأ في تحويل القطاع إلى منطقة اقتصادية سياحية وفقا لما وصفه ترامب بـ"إعادة الإعمار".  

في الواقع هذا السيناريو ليس مستبعدا إذا نظرنا إلى تاريخ الاحتلالات الأمريكية في أفغانستان والعراق حيث يتم استخدام القوة العسكرية ثم تحويل الأرض إلى ساحة للاستثمارات الضخمة ، ولكن بعد أن تكون الشعوب الأصلية قد فقدت حقها في أرضها.  

الدول العربية.. بين الرفض والتحدي

أمام هذه التصريحات، لم تبقَ الدول العربية في موقف المتفرج. مصر التي لطالما كانت لاعبا رئيسيا في القضية الفلسطينية أعلنت بوضوح أنها لن تقبل بأي عملية تهجير قسري للفلسطينيين. فالمنطقة الحدودية مع غزة أصبحت أكثر تحصينا ، وهناك تحركات عسكرية تعكس استعدادا لأي سيناريو قادم.  

السعودية أيضًا أصدرت بيانا قويا أكدت فيه أن أي تطبيع مع إسرائيل مستحيل ما لم يكن هناك حل عادل للقضية الفلسطينية. هذه المواقف تمثل نقطة فاصلة، حيث تدرك الدول العربية أن تمرير هذا المخطط سيمثل سابقة خطيرة تجعل أي دولة في المنطقة عرضة لمخططات التهجير والتقسيم.  

ماذا بعد؟ هل نحن أمام حرب شاملة؟

المشهد الحالي يقودنا إلى أحد احتمالين:  

1. القبول بالأمر الواقع وهذا يعني أن الدول العربية تتراجع ويتم تنفيذ المخطط دون مقاومة فعلية. وهذا السيناريو مستبعد ، لأنه سيفتح الباب أمام المزيد من المشاريع الإسرائيلية التوسعية في الضفة الغربية وربما دول أخرى مستقبلا.  

2. الصدام المباشر: إذا استمرت الضغوط الأمريكية والإسرائيلية فليس من المستبعد أن نشهد مواجهة عسكرية سواء عبر تصعيد فلسطيني داخلي ، أو تدخل عربي بشكل مباشر أو غير مباشر. التصعيد الاقتصادي والسياسي قد يكون الخطوة الأولى ، لكن الخيارات الأخرى تبقى مفتوحة.  

الشرق الأوسط الجديد.. ولحظة الحقيقة

لا شك أن ما يحدث الآن هو إعادة تشكيل للخريطة السياسية في الشرق الأوسط بطريقة لم نشهدها منذ عقود. فإما أن يكون الفلسطينيون هم الضحية الكبرى لهذا التغيير أو أن تتحرك الدول العربية والمجتمع الدولي لإيقاف هذه المخططات قبل أن تتحول إلى واقع لا يمكن تغييره.  

الأيام القادمة ستكون حاسمة فإما أن تكتب نهاية فلسطين كما نعرفها ، أو أن تكون هذه بداية مرحلة جديدة من الصراع عنوانها: لا تراجع ولا استسلام.


اترك تعليقك

Top