الأخبار العاجلة
  • الخميس, 02 مايو 2024
أخبار السياسة و الطاقة
  • رئيس مجلس الإدارة و التحرير
    خالد حسين البيومى
برج إيڤل
الثلاثاء 07 يوليو 2020 11:33 م جابراحمد سالم

برج ايفل ...
تبداء قصة البرج حين قررت السلطات الفرنسية إقامة «المعرض الكبير» عام 1889 (بمناسبة مرور مائة عام على الثورة الفرنسية). ولإظهار عظمة فرنسا وقوتها الصناعية قررت بناء «أطول برج فولاذي في العالم» في قلب باريس. وفي مايو 1886 أعلنت عن مسابقة لتنفيذ برج يبلغ طوله 300 متر وقاعدته 125 مترا مربعا. وكان شرطها الوحيد أن يتمكن من استرداد قيمة بنائه بنفسه - كما يجب أن يكون مؤقتا وقابلا للفك بعد انتهاء المعرض...!! ! 
وقد تقدم 120 مهندساً بتصاميم ثورية - بعضها مجنون فعلا - لم يحظ أي منها بالقبول. وفي نهاية المهلة تقدم المهندس جوستاف آيفل (الذي كان يلقب حينها بساحر الحديد) بتصميم عبقري رافقه عرض مغرٍ لم تستطع الحكومة رفضه. فقد تكفل آيفل (الذي كان يملك شركة للصلب) بدفع تكاليف البرج مقابل احتكار الأرباح المتحصلة منه خلال العشرين عاما التالية (تستطيع بعدها الحكومة تفكيكه وإزالته). وحين وافقت الحكومة على هذا الشرط باشر أعمال البناء في 26 يناير 1887 وانتهى منها في وقت قياسي في 18 مارس 1889 (قبل افتتاح المعرض بشهرين)!! 
... وقبل انتهاء فعاليات المعرض كان البرج قد سدد تكاليف بنائه مما جعله بمثابة «منجم ذهب» لشركة آيفل طوال العشرين عاما التالية.. وبسرعة اتضح أن جوستاف آيفل لم يكن مهندسا عبقريا فحسب، بل رجل أعمال ناجح ضمّن البرج مقاهي ومطاعم ومحلات هدايا في الطابق الأول، ومطعم ومكتبة وكافية ومركز بريد في الطابق الثاني، في حين ضم الطابق الثالث شرفة مفتوحة ودكان هدايا ومناظير مراقبة (.. وبالطبع، يجب دفع قيمة التذاكر قبل الصعود لأي طابق)!! 
الطريف أن البرج أثار منذ إنشائه انتقادات واسعة لدرجة أن عددا من المثقفين هددوا الحكومة بمغادرة باريس إن لم يتم إزالة هذا العمود «البشع» من وسط المدينة.. وفي حين غادر بعضهم بالفعل اختار الأديب جي موبوسانت تناول طعامه بانتظام في الطابق الثاني من البرج لأنه - حسب قوله - المكان الوحيد في باريس الذي لا يراه منه!! 
.. الغريب أكثر أن الصحف الفرنسية العريقة تبارت في تحريض الناس على المشروع منذ بدايته ؛ فصحيفة اللوموند مثلا تنبأت بأنه سينهار تحت ثقله حين يصل إلى ارتفاع 217 مترا، في حين قالت هارلم أنه سيؤثر على مناخ باريس ويجتذب الصواعق إليها، أما دي لوماتن فنقلت عن «خبراء» أن البرج يغوص باستمرار ويميل باتجاه شارع الشانزليزيه!! 
أما الحقيقة - التي أثبتتها الأيام - فهي أن البرج تحفه فريدة بحد ذاتها تستحق لقب «الأعجوبة الثامنة».. وحين اكتمل إنشاؤه لم يكن فقط «أطول مبنى في العالم» بل وثورة معمارية أثبت قدرة الحديد على الوصول لارتفاعات شاهقة بأقل وزن ممكن (وهو ما فتح الباب أمام ناطحات السحاب الحديثة). وحين انتهى عقد شركة آيفل وحان موعد تفكيك البرج (عام 1901) تجمع مواطنو باريس عند قوائمه الأربعة معترضين على فكرة إزالته.. أما من الناحية الاقتصادية فيعد البرج من أكثر المشاريع ربحية (في التاريخ) كونه يشهد إقبالاً مكثفا منذ 128 عاماً..
بل يمكن القول أن مشكلته الرئيسية تكمن في إصرار 75 مليون سائح - يزورون فرنسا كل عام - على صعوده وتشكيل طوابير طويلة عند قوائمه الأربعة


اترك تعليقك

Top