كتب /شحاته زكريا
بعدما عادت صورة دونالد ترامب إلى الواجهة السياسية الأمريكية ، وجد العالم نفسه أمام مرحلة مليئة بالتساؤلات. في غضون أيام تحولت الأنظار إليه من جديد مع اكتساح حزبه الجمهوري وفوزه بالسلطة التنفيذية ، ليضع الولايات المتحدة في مسار مليء بالتحولات والمفاجآت. مع سيطرته على الكونجرس والمحكمة العليا ، يبدو أن ترامب لا يواجه أي تحديات كبيرة في فرض سياساته ، وهو ما يفتح الأبواب أمام فترة رئاسية قد تغير معادلات السياسة الأمريكية والدولية.
بينما يسعى ترامب لتحقيق شعاره الشهير "جعل أمريكا عظيمة من جديد"، يشهد الداخل الأمريكي انقساما واضحا. هناك سعي لتطويع أجهزة الدولة لإرادته ، مع تجاهل الأدوار التي تلعبها الفئات المختلفة والنقابات والمؤسسات التي تقاوم السيطرة المطلقة على الدولة. التحدي هنا هو أن النظام الأمريكي رغم تعقيده ، يقوم على التعددية والتنوع وهو ما يفرض على ترامب مواجهة صعبة مع المؤسسات غير الحكومية والأقاليم التي تتمسك بسلطاتها، ليبقى السؤال: هل يستطيع ترامب تجاوز هذه المعارضة الداخلية؟
وفي الجانب الاقتصادي تأتي سياسة ترامب الرامية إلى مواجهة التضخم لكن بطريقة تثير المخاوف؛ إذ ينوي فرض تعريفة جمركية على الواردات. هذا التوجه الذي قد يكون له أثر عكسي قد يؤدي إلى رفع الأسعار بدلا من خفضها ، مما يعزز التضخم بدلا من مكافحته. علاوة على ذلك فإن وعده بتقليل الهجرة قد يصطدم بواقع حاجة الاقتصاد الأمريكي للأيدي العاملة ، ما يخلق توترا بين وعوده السياسية والحقائق الاقتصادية على الأرض.
أما على الساحة الدولية فإن علاقته المتوقعة مع الحلفاء الأوروبيين ستخضع لاختبار صعب ، خصوصا في ظل ملف الحرب في أوكرانيا. إذا اختار ترامب التفاوض لإنهاء النزاع بمرونة ، فسيواجه انتقادات شديدة من الحلفاء الأوروبيين الذين يخشون من عواقب هذه التسوية على أمنهم ، إذ قد تتركهم عرضة لتهديدات مستقبلية. ومع تزايد الضغوط الاقتصادية والسياسية ، يجد الحلفاء الأوروبيون أنفسهم في مواجهة خيارات صعبة بين الحفاظ على استقلالية قراراتهم أو الرضوخ لرغبات ترامب.
وفي الشرق الأوسط سيكون هناك مراقبة دقيقة لكيفية تعامله مع ملفات حساسة ، مثل القضية الفلسطينية والعلاقات مع إسرائيل. فمن المتوقع أن يستمر ترامب في تأييد سياسات إسرائيل ، مما قد يضعف الموقف الفلسطيني ويزيد من تعقيدات الصراع في المنطقة. هذه المواقف لن تكون بلا تداعيات؛ فهي قد تؤدي إلى تصاعد المقاومة وتجدد الاضطرابات في الشرق الأوسط ، ما يخلق بيئة متوترة في ظل الدعم غير المحدود لإسرائيل.
ختاما فإن عودة ترامب ليست مجرد عودة لرئيس أمريكي معتاد. إنها تعكس عودة لأفكار وتصورات تعيد تشكيل الواقع السياسي الدولي والمحلي. بين الوعود والطموحات، وبين القيود والتحديات ، يقف ترامب أمام اختبار حقيقي لمعرفة مدى قدرته على تحقيق أهدافه في عالم يعج بالتغيرات.
اترك تعليقك