الأخبار العاجلة
  • الأربعاء, 01 مايو 2024
أخبار السياسة و الطاقة
  • رئيس مجلس الإدارة و التحرير
    خالد حسين البيومى
خناتة بنت بكار ..الهدية التى تحولت  الى سيدة المغرب
السبت 01 ابريل 2023 07:40 م

حكايات مغربية....الحكاية الحادية عشر 

خْنَاتة بنت بكار..."الهدية" التي تحولت إلى سيدة المغرب 

بقلم /هندالصنعانى 

اسمها "خْنَاتة بنت الشيخ بكار المغافري"، سجلها التاريخ باسم "خناتة بنت بكار"، فقيهة وعالمة وسياسية كُتِب اسمها في جدران التاريخ المغربي كأول امرأة تولت الوزارة في المغرب في عهد السلطان "المولى اسماعيل" الذي خطفته بنسبها وعلمها وبجمالها الأخاذ.

و"المولى اسماعيل" هو سلطان ينتمي إلى الدولة العلوية حكم المغرب من سنة 1672 إلى سنة 1727، عصره كان شاهدا على انفتاح كبير وحول عاصمة المغرب من مراكش إلى مكناس.

لم تتخيل "خناتة" يوما أن تصبح زوجة للسلطان "المولى اسماعيل" وأما لولي عهده وجدة لسطان آخر، حياتها كانت أشبه ما يكون بلعبة القدر فهي لم تكن إلا "هدية" للسطان، لكن جمالها هو الذي أوصلها إلى البلاط الملكي، وبالرغم من كل هذا لم تشغلها مظاهر الترف عن العلم والسياسة.

لما توفى زوجها "المولى اسماعيل"، تمكنت من الإمساك بزمام الدولة وأصبح لها أدوارا سياسية عظيمة في تاريخ المغرب، وأصبح شغلها الشاغل تقوية ابنها المولى "عبدالله" حيث كانت تخشى انقلاب جيش "عبيد البخاري" عليه، وفعلا تعرضت "خناتة" للعديد من المحن والأزمات كالنفي والسجن والمطاردة بعد العزل الأول "للمولى عبدالله" من قبل "جيش البخاري".

و"جيش البخاري" هو جيش أسسه "المولى اسماعيل" ليوطد به أسس الدولة، وسمي ب "عبيد البخاري" لكونهم عبيدا بايعوا السلطان واستحلفوا على نسخ من صحيح البخاري وكان عددهم يقدر بخمسة عشر ألف جندي، أما في آخر أيام السلطان "المولى اسماعيل" فقد فاق المائة ألف جندي.

دخلت "خناتة بنت بكار" في أزمات حادة لكثرة أبناء "المولى اسماعيل" وتعدد نسائه، حيث كادت السلطة على إثرها أن تفلت من قبضة يدي السلطان "المولى عبدالله" الذي أقاله جيش "عبيد البخاري" لمرات عديدة لوقوفهم في صف "المولى أبي الحسن الأعرج" ابن زوجة "المولى اسماعيل" الأخرى التي كانت تدعى "عائشة مباركة"، وفي هذه الأثناء سيُدخل السلطان "الأعرج" "خناتة" السجن مع حفيدها "سيدي محمد بن عبدالله" الذي سهرت على تعليمه وتكوينه وتفقيهه، وكان غرض السلطان الضغط عليها لتُدِله على أموال زوجها "المولى اسماعيل" لكنه لم يحصل منها على شيء.

التنشئة السياسية لحفيد "خناتة بنت بكار" "سيدي محمد بنت عبدالله"، جعلت منه سلطانا قويا وحكيما، استطاع تحصين بلاده والحفاظ على وحدته وأيضا عمل على تعزيز علاقاته الخارجية فكان عصره عصر الانفتاح على اوروبا، وكان المغرب أول دولة تعترف بالولايات المتحدة الأمريكية كدولة مستقلة.

سنة 1143 للهجرة، سافرت "خناتة بنت بكار" إلى مكة للحج، رفقة حفيدها "السلطان محمد بن عبدالله"، حيث استُقبلت من القبائل بطلقات المدافع، وفرقت "خناتة" على المحتاجين ما يزيد على مائة ألف دينار فأكرمها العلماء ومدحها الشعراء.

"خناتة بنت بكار" من نساء المغرب التي يتذكرها التاريخ بكل عظمة وشموخ، فلم تهب يوما السجن ولا النفي، بل ظلت صامدة واقفة في وجه كل من أراد أن ينازع أبناءها على السلطة.


توفيت "خناتة بنت بكار" في يونيو 1746 للميلاد، وقد دفنت بروضة الأشراف بفاس، لتكون المرأة الوحيدة التي خلد التاريخ جزءا من سيرتها ضمن بضع مئات من نساء "المولى اسماعيل".


اترك تعليقك

Top