هل نجحت " وثيقة كامبل " في ضياعنا ؟
أحمد صالح حلبي
لم أتعود الحديث عن قضايا السياسة لأن لها رجالاتها وكتابها المتخصصون ، لكن قبل أيام قلائل مرت بذاكرتي بعض الاتفاقيات السياسية التي صاغها المستعمرون فقررت على إثرها التجول بين صفحات التاريخ الحديث لأقف على شيء منها ، وكان لي ذلك في لحظات استرخاء ، لا راغبا في الاستمتاع بما حملته تلك الاتفاقيات في مضمونها ، فالمضمون به من التوصيات ما يؤلم القلب قبل الجسد .
ومن أبرز الوقفات التي اثارت حفيظتي وذكرتني بما خطط له المستعمرون وما سعوا لتنفيذه في عالمنا العربي هي " وثيقة كامبل " وهي وثيقة أقرت من قبل ( بريطانيا ، وفرنسا ، وهولندا ، وبلجيكا ، وإسبانيا ، وإيطاليا ، والبرتغال ) ، في مؤتمر دعا إليه رئيس الحكومة البريطانية " هنري كامبل " الذي تولى رئاسة الوزارة من 5 ديسمبر 1905 إلى 3 أبريل 1908 .
وقبل الحديث عن مضمون الوثيقة التي جاءت بتوصية مؤتمر كامبل بانرمان الذي استمر نحو عامين كاملين يوضح ملخصها أن البحر الأبيض المتوسط هو الشريان الحيوي للاستعمار ، فهو الجسر الذي يصل الشرق بالغرب ، وهو الممر الطبيعي إلى القارتين الآسيوية والأفريقية وملتقى طرق العالم ، وهو مهد الديانات والحضارات والإشكالية في هذا الشريان كما جاء في الوثيقة أنه " يعيش على شواطئه الجنوبية والشرقية بوجه خاص شعب واحد تتوافر له وحدة التاريخ والدين واللسان "
ولكي يصل المجتمعون إلى خطة عملية ناجحة أجمعوا على " ضرورة إبقاء شعوب هذه المنطقة مفككة ، جاهلة ، متخلفة ، لكي يمكن السيطرة عليها "
ويمكن القول الآن وبعد مضى أكثر من مائة عام على المؤتمر الذي جاء انعقاده نتيجة لضعف الدولة العثمانية وتهاوي سلطانها وخشية الدول الاستعمارية من بروز قوة عربية أو اسلامية بديلة لها تثير مخاوفهم .
إن المستعمرين نجحوا في مخططهم الذي رسموه فالشعوب العربية التي وحدتها لغة القرآن والتفت حول جامعة الدول العربية لازالت تعاني صراعا فيما بينها ، ويصعب توحديها على موقف ثابت .
اما الجهل فلا يمكن إنكاره إذ تشكل نسبة الأمية في العالم العربي أعلى نسبة عالمية ، على الرغم من أن نسبة الأمية في الوطن العربي تشهد تناقضا مستمرا منذ سبعينات القرن العشرين ، الا ان أعداد الاميين نفسها لا زالت في ارتفاع حاليا ويتوقع الا يحدث محو الامية في كامل العالم العربي قبل عام 2050 ، فقد أظهرت إحصائيات المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم المعروفة بـــ "ألكسو" وهي إحدى منظمات جامعة الدول العربية ، أن معدلات الأمية في الوطن العربي في عام 2018 وصلت لـ21 في المئة وهي نسبة مرتفعة عن المتوسط العالمي والذي يبلغ 13.6 في المئة ، وهذه الأرقام قابلة للارتفاع في ظل الأوضاع التعليمية التي تعانيها بعض الدول العربية بسبب الأزمات والنزاعات المسلحة والتي نتج عنها عدم التحاق قرابة 13.5 مليون طفل عربي بالتعليم النظامي بين متسربين وغير ملتحقين.
وتشير الإحصائيات إلى أن نسبة الأمية لدى الذكور في الوطن العربي هي في حدود 14.6في المئة، بينما ترتفع لدى الإناث إلى 25.9 في المئة، وتتراوح نسبة الإناث الأميات في عدد من دول المنطقة بين 60 و80 في المئة.
فمتى نتمكن من العمل على الغاء مضمون وثيقة كامبل
وهل يمكن القول أن وثيقة كامبل نجحت في ضياعنا ؟
اترك تعليقك