و كأنها النوته الموسيقية المتحركة في دار الأوبرا المصرية
بقلم د. غادة فتحي الدجوي
نعم ياسادة
من روعة الكلمات و مشاعر الحضور و موسيقي خلابة رنانة، توافد الحضور على المسرح الصغير بدار الأوبرا المصرية - المسرح الصغير و نشاط وزارة الثقافة الفني و الفكري ، و كان المسرح تحول إلى نوته موسيقية نغماتها تتراقص بين الخطوط و المسافات ، فكلما توافد حضور تحرك البعض ليجلس البعض الآخر و خاصة الروتاريين الرائعين و كأنهم مفاتيح الموسيقى لضبط حركة النغمات، و حرص كل الحضور على استيعاب الآخر و راحته ليتمتع الجميع، ربما لم يرى الكل بنظرة واسعة ما اشرحه من هذا التناغم ، و اكتب احكيه لكم لأقول ان الموسيقي و الكلمات المنظومة من القلب و العقل الواعي … الفن بأنواعه عندما يتناغم يكون مدرسة للحياه تعلمنا العطاء و المحبة و السلام ، مهما اختلفت أعمارنا و ثقافاتنا و مستوياتنا الاجتماعية و الاقتصادية، فجميعنا يبحث عن الجمال الواعي من الفنون و هذا ما حدث بالفعل ، ثنائي من قائدي الجمال… معلمي الرقي… متناغمي الفكر … د. عصام خليفة أمير الشعراء العربي و الموسيقار الفنان الرائع عمرو سليم على المسرح الصغير بالأوبرا المصرية في مزيج لا يمكن فصل ما يغرسه في نفوس كل الحضور، فكانت كلمات الشاعر د. عصام خليفة العربية العلمية المهذبة تتغزل في وجداننا و كأنها مناظرة بين الرجال و النساء في المسرح على معني الحب و الجمال الروحي فتعلو كلمات النساء بالفخر و العزة و تعلو تصفيقات الرجال بالتحليل و الادارك للعلاقات من بين سطور الشعر، و تأني بعض الأبيات فتنعش شجن الذاكرة ، و كأنها جرعات من الحياه ، لتأتي نغمات الموسيقار عمرو سليم و كأنها النهر الذي يجمع كل هذه المشاعر في موجات هادئة و تسير بداخلنا و تنظم أنفاسنا مع نغماته و يعلو التصفيق طالبا جرعات متجددة من الحياه، و تتجدد الجولات بين الثنائي و نحن الفائزون ، و لم تخلو الأمسية من معاني الصداقة في مزيج أخر من قصيدة من كلمات د. عصام خليفة و يدعو الصديق الفنان القدير طارق الدسوقي ليلقيها على مسامع و قلوب الجمهور و كأنها درس في الوطنية و الحب و السلام و الصداقة و كانت بعنوان " توكة ريما" التي أشعلت قلوبنا جميعا و ألقاها الفنان و أهداها لروح الصحفية الشهيدة شيرين أبو عاقل…
و تنوعت قصائد أمير الشعر العربي بين الحب و الحياه و الصوفية و الوطنية و المجتمعية التي تلقي الضوء على مشاكلنا و أدوارنا و مسئولياتنا و هل نمارسها أم علينا مراجعة أنفسنا … لتلبي رغبات الجميع و عزف الفنان الذي يري النور في البيانو و كأنه يهدي النور لقلوبنا بمعزوفات الحب و الوطنية ليعلو صوت الجماهير بالغناء و كأنهم مظاهرة فنية في حب الحياه…
اما انا فتوقفت عند " صوفية الوجد"
صوفيةَ الوجــد طوفي في الهوى سفَرا ً
شـدّي الرحـال و زوري مُلتقى زُهْدِي
شُقّي طريقك مــثل الضــوء و اقــتربي
مــدِّي خــيوطك بين الروح و الــجسدِ
صِيري كما الحرف معنىً واسكني قلمي
تُمسي خلودًا مـــــهيبًا واســع المـــجدِ
إنــي الفــناء إذا ما ذبــتِ في بـــــدَنِي
إني البـقاء إذا ما عــشتِ في سَــرْدِي
وجــهي يغــادر مهما طـال مجلــــسنا
لكــنّ تــدوينتي تـبـــقي الى الأبــــــــدِ
نعم.. الثنائي الرائع كانت خيوط فنهم الراقي ممتدة داخل أرواحنا و أجسادنا ..
شكرا لكل من ساهم في غرس السعادة في نفوسنا من إعداد و تقديم و تنظيم و حضور تحت سماء وزارة الثقافة المصرية شعاع الثقافة و النور.
حقا أنها لم تكن أمسية موسيقية فحسب، بل كانت دروس في المحبة و السلام و الصداقة و المواطنة و الامتنان متناغمة بين الكلمات المنظومة و الموسيقى على سطور نوته موسيقية اقتناها كل من حضر لتسكن اوتار القلب.
اترك تعليقك