كتب/شحاته زكريا
زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الدنمارك ليست مجرد خطوة تقليدية في جدول الدبلوماسية المصرية ، بل هي لحظة تاريخية تجسد مستوى جديدا من العلاقات الثنائية بين القاهرة وكوبنهاجن. هذه الزيارة التي تأتي كأول زيارة لرئيس مصري إلى الدنمارك تؤكد رؤية مصر الطموحة لتعزيز شراكاتها الدولية في إطار استراتيجية شاملة تسعى لتحقيق المصالح المشتركة في المجالات الاقتصادية والسياسية والثقافية.
في السنوات الأخيرة شهدت العلاقات المصرية-الدنماركية تطورا لافتا يعكس حرص الجانبين على توسيع نطاق التعاون. الدنمارك التي تعد من الدول الرائدة في مجالات التكنولوجيا الخضراء والطاقة المتجددة تمثل شريكا استراتيجيا يمكن لمصر أن تستفيد من خبراته لتحقيق أهدافها التنموية. في المقابل تقدم مصر للدنمارك موقعا استراتيجيا في قلب العالم العربي وإفريقيا ، وفرصا اقتصادية وتجارية واعدة بفضل مشروعاتها القومية الكبرى وعلى رأسها المنطقة الاقتصادية لقناة السويس.
الزيارة تأتي في توقيت حرج على الساحة الدولية حيث تواجه دول العالم تحديات متزايدة تتعلق بالتغير المناخي وأزمات الطاقة والغذاء. من هنا يحمل اللقاء بين القيادة المصرية والدنماركية رسالة واضحة بأهمية التعاون الدولي في مواجهة هذه التحديات. فالمصالح المشتركة بين البلدين تمتد لتشمل قضايا حيوية مثل مكافحة الإرهاب وتعزيز الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط وأوروبا.
على الصعيد الاقتصادي تُعد الزيارة فرصة لفتح آفاق جديدة للتعاون الاستثماري والتجاري. الشركات الدنماركية التي تتميز بقدراتها في مجالات الابتكار والتكنولوجيا الخضراء يمكن أن تلعب دورا محوريافي دعم المشروعات المصرية الطموحة، مثل مشروعات الطاقة النظيفة وتحلية المياه. في المقابل يمكن للشركات المصرية أن تستفيد من التكنولوجيا الدنماركية المتقدمة لتوسيع أنشطتها وتعزيز قدرتها التنافسية.
لكن العلاقات بين البلدين لا تتوقف عند الجانب الاقتصادي. هناك بعد ثقافي وإنساني مهم يعكس عمق الروابط بين الشعبين. الجالية المصرية في الدنمارك رغم قلة عددها تسهم في تعزيز هذا التواصل الإنساني والثقافي ، حيث تعمل كجسر للتفاهم والتقارب بين الثقافتين.
زيارة الرئيس السيسي للدنمارك هي أكثر من مجرد حدث سياسي؛ إنها خطوة استراتيجية تؤكد أن مصر منفتحة على العالم وتسعى إلى بناء شراكات متوازنة قائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة. هذه الزيارة تعكس رؤية مصر للعب دور فعال على الساحة الدولية ، ليس فقط كقوة إقليمية في الشرق الأوسط بل كشريك عالمي يسعى للمساهمة في صياغة مستقبل أكثر استقرارًا وتنمية.
بهذه الروح الإيجابية تمثل هذه الزيارة فرصة لتوسيع دائرة التعاون المصري-الدنماركي على كافة المستويات وترسيخ أواصر الصداقة بين البلدين بما يخدم مصالح الشعبين ويعزز من مكانة مصر كجسر للتواصل والتعاون بين الشرق والغرب.
اترك تعليقك